مخيرا بينه وبين غيره. فتدبر ولا تغفل.
وقد تعرض الشيخ (رحمه الله) إلى هذا المبحث بنحو مجمل (1). وأهمله صاحب الكفاية (رحمه الله). وأسهب الكلام فيه المحقق النائيني (رحمه الله) (2).
وتحقيق الكلام فيه بنحو يرتفع عنه الغموض ويتضح به كلام الاعلام في المقام صحة وسقما، أن يقال: ان حديث جريان البراءة وعدمه يختلف باختلاف الأقوال في حقيقة الوجوب التخييري، فلا بد من الإشارة إليها ومعرفة أثر كل منها من ناحية جريان البراءة وعدمه. وعمدتها أربعة أقوال:
الأول: انه عبارة عن وجوب كل من العدلين مشروطا بترك الاخر.
الثاني: انه عبارة عن وجوب أحدهما، فمتعلق الوجوب التخييري هو عنوان انتزاعي في قبال موارد التخيير العقلي، فان متعلق الوجوب فيه هو الجامع الحقيقي كالصلاة والصيام ونحوهما.
الثالث: انه سنخ خاص من الوجوب متعلق بكل من العدلين يعرف بآثاره. وهو ما ذهب إليه صاحب الكفاية (3). وقد عرفت تصويره بأنه مرتبة وسطى بين الاستحباب غير المانع من الترك مطلقا وبين الوجوب التعييني المانع من الترك مطلقا.
الرابع: انه عبارة عن وجوب أحدهما المردد مصداقا. وبعبارة أخرى: انه وجوب الفرد المردد وعلى سبيل البدل كما قربناه، ودفعنا ما توجه من الاشكال فيه.
أما على القول الأول: فالشك في التعيين والتخيير يرجع إلى الشك في اطلاق الوجوب المعلوم واشتراطه بترك العدل المشكوك. فيمكن إجراء البراءة