الحرفي، فيلحظ واقع التقيد به لا مفهومه، فلا وجه حينئذ للانحلال، لعدم القدر المتيقن في البين، بل الامر يدور بين تعلق الحكم بالحصة الخاصة أو بغيرها. هذا ما يمكن ان يقرب به كلام الكفاية.
ويمكن الاشكال فيه: بان كون المعنى الحرفي كذلك لا ينافي تعلق التكليف به وكونه موردا للأثر الشرعي، ولا ينافي لحاظه الاستقلالي في مقام ترتيب الأثر عليه. وان اشتهر بان المعنى الحرفي آلي لا استقلالي، إذ معنى الالية فيه ليس هو المرآتية والفناء في مقام التصور والملاحظة، بل بمعنى انه سنخ معنى يتقوم بالغير ويفنى فيه ولا ينحاز عنه، فيصح تعلق التكليف به كما بين ذلك في العبادات المكروهة. فقد أفيد في محله: ان الكراهة - في الصلاة في الحمام مثلا - راجعة إلى تقيد الصلاة بالكون في الحمام وايقاعها فيه من دون حدوث حزازة في نفس الصلاة. كما أن الكون في الحمام لا كراهة فيه في نفسه لو لم يكن راجحا.
وهكذا في مثل استحباب الصلاة في المسجد، فان المرغوب للمولى هو ايقاع الصلاة في المسجد وتقيدها بالمكان الخاص، وهو محط نظره في قوله: " صل في المسجد ".
وبالجملة: كون التقيد ملحوظا بنحو المعنى الحرفي لا ينافي تعلق التكليف به وانبساط التكليف عليه وسرايته إليه.
فالمتجه أن يقال: إن كل مورد تكون الخصوصية المشكوكة فيه راجعة إلى نفس متعلق التكليف، بحيث توجب سعة التكليف وزيادته عرفا ودقة كانت مجرى البراءة شرعا، لأنها تقبل انبساط التكليف، فالشك فيها يكون شكا في تكليف زائد مع وجود قدر متيقن في البين هو ذات المقيد. فيتحقق الانحلال المدعى، وذلك نظير الطهارة مع الصلاة، فان الصلاة مع الطهارة والصلاة بدونها بنظر العرف من الأقل والأكثر، فالصلاة مع الطهارة صلاة وزيادة، وترك الطهارة واتيان الصلاة بدونها يكون ايجادا للفرد الناقص دقة وعرفا.