والسعي، بل وعن بعض الاجزاء والشرائط رأسا كالسورة والطمأنينة، إلا أنهم لم يتنزلوا عن كثير من الاجزاء والشروط، فلا مجال عندهم للتبعيض في ركعات الصلاة أو بعض مناسك الحج، واشتهر عندهم عدم صحة الصلاة من فاقد الطهورين.
فمن القريب جدا أن يكون اجتزاؤهم بالناقص في كثير من فروع الطهارة والصلاة، والحج لعدم إطلاق دليل الامر المتعذر، أو لقرائن خاصة كالاجماع، والسيرة، والأخبار الكثيرة الواردة في كثير من تلك الفروع، والتي قد يتعدى الفقيه منها لفهم عدم الخصوصية لمواردها، أو لنحو ذلك مما لا مجال معه لدعوى انجبار الأخبار المذكورة بعمل المشهور.
وأما الدلالة فهي لا تخلو عن قصور في الجميع.
أما الأول فلان (من) وإن كانت ظاهرة في التبعيض، إلا أن التبعيض قد يكون بلحاظ الوحدة النوعية، فيكون البعض هو الفرد من الكلي، وقد يكون بلحاظ الوحدة الاعتبارية بين الأمور الخارجية، فيكون البعض هو الجزء من الكل، والأول راجع إلى التكرار في المأمور به، والثاني هو الذي ينفع في ما نحن فيه، ولا مجال لحمل الاطلاق عليهما معا، لعدم الجامع العرفي بينهما بعد اختلاف الجهة المصححة للتبعيض، كما لا مجال للحمل على الثاني ولا سيما بعد احتياجه إلى نحو من العناية في فرض الشئ مركبا ذا أجزاء من دون إشعار للكلام به، فإطلاق الشئ يناسب إرادة الأول.
هذا، مع أن قرب أخذه مما رواه العامة يناسب الحمل على الأول، فعن مسلم والترمذي في صحيحيهما عن أبي هريرة أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: (أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا. فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت صلى الله عليه وآله حتى قالها ثلاثا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو قلت: نعم، لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم