على أن الكلام ليس في كيفية تحقق الامتثال بعد الفراغ عن إمكان الامر بالوجه المذكور ووقوعه، بل في أصل إمكان الامر، لعدم صلوحه للداعوية بعد فرض امتناع الالتفات إلى موضوعه، ولذا يجري الاشكال في الأوامر التوصلية التي لا يعتبر في امتثالها القصد، ومن الظاهر أنه لا يكفي في دفعه إمكان الالتفات بالوجه المذكور - كما ذكر ذلك بعض الأعاظم قدس سره - ضرورة أن توجيه التكليف للناسي بالناقص لغو بعد فرض وقوعه منه على كل حال، وإن لم يلتفت للتكليف أصلا.
الثاني: ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره وارتضاه غير واحد ممن تأخر عنه من توجيه خطاب واحد مشترك بين الذاكر والناسي بالأركان التي يبطل العمل بالاخلال بها حتى من الناسي، ثم توجيه خطاب يخص الذاكر لبا ببقية الاجزاء التي لا يبطل الاخلال بها من الناسي.
وفيه: أن ذلك إنما يتم مع عدم الارتباطية بين الأركان وغيرها في حق الذاكر، حيث يكون في المقام أمران:
الامر بالأركان المشترك بين الملتفت والناسي، والصالح للداعوية في حق كل منهما بعد التفاتهما إلى موضوعه.
والامر بالزائد عليها المختص بالذاكر والصالح للداعوية في حقه، لفرض التفاته إلى موضوعه أيضا. أما مع فرض الارتباطية ووحدة الامر في حق الذاكر فالمتعين اختصاص الامر بالمطلق بالناسي، فيعود الاشكال.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من عدم دخل الارتباطية بوحدة الخطاب، بل هي منوطة بوحدة الملاك، فرب ملاك واحد لا يستوفى إلا بخطابين.
بل الذي يظهر من جملة من النصوص ان التكليف بالصلاة إنما كان بخطابين: خطاب من الله تعالى بما فرضه، وخطاب من النبي صلى الله عليه وآله بما سنه وفرضه.