لمزاحمة محذور الاحتياط للضرر المعلوم بالاجمال، حيث يكون الاحتياط مع كثرة الأطراف مستلزما لنحو من المشقة والمشاكل التي هي محذور يزاحم بها الضرر المعلوم بالاجمال، ولا مجال لذلك في ضرر العقاب، لأهميته.
على أن فرض تجويز العقل الاقدام على الضرر لا يقتضي الأمان منه بنحو لا يقع في العقاب لو صادف التكليف الواقعي في المقام، نظير الحال في الاضرار التكوينية في مثل المثال المتقدم، ومثله التزاحم بين المحذورين بسوء اختيار المكلف، حيث يلزم العقل باختيار المحذور الأقل والوقوع في ضرر عقابه من دون أن يحكم بالأمان منه.
وليس في الوجه المذكور ما يقتضي حكم العقل بقبح العقاب المستلزم للأمان منه.
وأما ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدس سره من أن ضعف احتمال التكليف في كل طرف بنفسه مستلزم لقوة احتماله في بقية الأطراف بنحو البدلية، بحيث يظن بوجوده فيها، ومرجع بناء العقلاء المدعى على عدم الاعتناء بالاحتمال الضعيف إلى أخذهم بالظن المذكور، فيرتفع به الاجمال تعبدا، كما في سائر موارد قيام الطريق على تعيين المعلوم بالاجمال في بعض الأطراف، فلا موضوع لقاعدة دفع الضرر المحتمل، للأمان من العقاب بسبب الطريق المذكور لأنه يوجب حكم العقل بقبحه.
ففيه: - مع أن لازمه تبعيض الاحتياط في الشبهة غير المحصورة، بالاقتصار في مخالفته على المقدار الذي يكون احتمال التكليف فيه ضعيفا جدا لا يعتني به العقلاء، لان العمل بظن التكليف في الباقي يجعله حجة تعيينا، فينجز جميع أطرافه، ولا يظن من أحد الالتزام به، إذ غاية ما قيل في المقام هو لزوم ترك ما عدا مقدار الحرام وحرمة المخالفة القطعية - أن الحجية التخييرية بعيدة عن بناء العقلاء، بل المرتكز عندهم تساقط الحجج المتعارضة مع ثبوت