كحرمة أكل النجس وشربه، واعتبار الطهارة في الوضوء والصلاة، وحرمة الغصب ونحوها من الاحكام التي تعم موارد الشبهة غير المحصورة وغيرها، فإن عموم تلك الأحكام لموارد الشبهة غير المحصورة مقتضى لحكم العقل بوجوب الاحتياط فيها، الذي ينتزع منه كبرى وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة، من دون أن يكون ذلك كبرى شرعية، ليلزم محذور تشريع حكم يلزم منه الحرج نوعا.
هذا، ولعل من ذكر المشقة في المقام لا يريد الاستدلال بأحد الوجهين المذكورين، بل التنبيه على أن الاحتياط في الشبهة غير المحصورة لما كان يستلزم الحرج نوعا فلو كان لازما لحصل الحرج المذكور، ولاضطرب أمر الناس، وحيث لم يحصل ذلك كشف عن وضوح عدم لزومه، فهو مشير إلى السيرة والارتكاز المشار إليهما آنفا. فلاحظ.
الرابع: ما قد يستفاد من شيخنا الأعظم قدس سره من أن كثرة الأطراف توجب ضعف احتمال التكليف في كل منها بنحو لا يعتني به العقلاء في مقام العمل، ولا يصلح للتنجيز بملاك دفع الضرر المحتمل. قال: (ألا ترى الفرق الواضح بين العلم بوجود السم في أحد الانائين أو واحد من ألفي إناء).
وفيه: - مع أن الظاهر عدم اختصاص جواز الارتكاب في الشبهة غير المحصورة عندهم بما إذا ضعف احتمال الحرام، بل يعم ما إذا قوي لكون التكليف المشتبه من الكثير في الكثير، أو لقرائن خارجية تقتضي انطباق المعلوم بالاجمال على خصوص بعض الأطراف - أنه لا ريب في أن ضعف الاحتمال في خصوص بعض أطراف العلم الاجمالي المنجز لا يصحح ارتكابه والخروج عن احتمال التكليف، ولذا يجب الاحتياط مع حصر الشبهة مطلقا.
وذلك لان قاعدة دفع الضرر المحتمل تجري مع ضعف الاحتمال إذا كان مهما، كضرر العقاب وعدم الاحتياط في المثال المتقدم - لو تم - إنما هو