التعارض بين الأصول، فلا تجب الموافقة القطعية المتفرعة عليه.
وفيه: أن جريان الأصول في جميع الأطراف وتعارضها الملزم بالموافقة القطعية غير مشروط بالقدرة على الجمع بينها، بل يكفي فيه القدرة على كل منها ولو بدلا، لكفاية ذلك في فعلية التكليف المعلوم بالاجمال على تقدير انطباقه على كل منها، فيصلح العلم الاجمالي لتنجيزه بنحو يمنع من جريان الأصول في كل طرف بنفسه.
ولذا لا ريب في منجزية العلم الاجمالي مع ذلك في الشبهة المحصورة، كما لو علم المكلف بحرمة السفر عليه عصر الجمعة إما إلى الموصل أو إلى البصرة، أو نذر أن لا يصلي الظهر في دار زيد واشتبهت بين دارين أو نحوهما.
نعم، لو كان تعذر الجمع بين الأطراف راجعا إلى تعذر بعضها معينا كان مانعا من منجزية العلم الاجمالي، لعدم العلم معه بفعلية التكليف المعلوم بالاجمال، لاحتمال انطباقه على المتعذر، كما لا يجري الأصل حينئذ في المعتذر، لعدم الأثر، فلا معارض للأصل الجاري في غير المتعذر.
وليس هذا نظرا لمحل الكلام، لان منع كثرة الأطراف من تعذر الجمع في الشبهة غير المحصورة إنما يكون بالوجه الأول.
وكأن ما ذكره قدس سره مبني على اختلاط ذلك بما نحن فيه، حيث مثل به.
مضافا إلى أن المراد من تعذر الجمع بين الأطراف في الارتكاب إن كان هو تعذر الجمع ولو تدريجا بمدة طويلة خرجت عن ذلك كثير من الشبهات غير المحصورة عندهم.
وإن كان هو تعذره في زمان قصير فهو - مع عدم الضابط له - يستلزم عدم المنجزية في كثير من الشبهات المحصورة - خصوصا التدريجية منها - التي لا مجال للبناء على عدم التنجيز فيها.
وقد أشار إلى بعض ذلك بعض الأعيان المحققين قدس سره. فراجع.