السابع: ما ذكره الفقيه الهمداني من أن المعيار في عدم الانحصار ليس كثرة أطراف الشبهة، بل عدم الإحاطة بتمام أطرافها، بحيث كل ما يفرض طرفا لها يحتمل وجود غيره، سواء قلت الأطراف أم كثرت، كما لو علم بوقوع قطرة بول واصابتها لبعض الأواني الموضوعة في الدار، لكن كل ما يحيط به المكلف من أواني الدار يحتمل وجود غيره وإصابته بالنجاسة دونه.
وحينئذ يكون الوجه في عدم وجوب الاحتياط في الأطراف المعلومة عدم معارضة الأصول الجارية فيها بأصول اخر، لعدم جريان الأصول في الأطراف المحتملة الوجود التي لا يحيط بها المكلف، لعدم الأثر للأصل ما لم يحرز كون موضوعه مما يعلمه المكلف ويبتلي به.
وفيه: أن الشك في وجود فرد آخر لا يحيط به المكلف لا ينافي الشك في التكليف الذي هو موضوع الأصل، لعدم أخذ العلم بوجود المتعلق بشخصه في موضوع التكليف زائدا على الشك في التكليف، فدليل أصل الطهارة مثلا يشمل بدوا جميع ما في الدار على ما هو عليه من العدد.
نعم، عدم الإحاطة بالطرف إن رجع إلى عدم الابتلاء به على تقدير وجوده أو الشك فيه، أو نحوهما مما يمنع من منجزية العلم وترتب الأثر على الأصل، اتجه عدم منجزية العلم الاجمالي وعدم جريان الأصل في الطرف المذكور، لذلك، لا لعدم الانحصار.
وإن لم يرجع إلى ذلك، بل علم بالابتلاء بتمام الأطراف على ما هي عليه من التردد بين الأقل والأكثر، كان العلم الاجمالي منجزا، للعلم بتحقق التكليف الصالح لترتب العمل عليه، كما لو فرض العلم في المثال السابق بأن الاناء المشكوك يعثر عليه لو كان موجودا عند ارتفاع ضوء النهار ويكون فعلا موردا للابتلاء المصحح للتكليف، وحينئذ يمتنع جريان الأصول في تمام الأطراف، لاستلزامه المخالفة القطعية للتكليف المنجز بالعلم، كما لا تجري في بعضها