بالمانع.
مثلا: لو علم بنجاسة إناء زيد، واشتبه بين الخزف والنحاس، ثم طهر الخزف، فاستصحاب نجاسة إناء زيد يقتضي التعبد بنجاسته وحرمة شربه على كل حال حتى لو كان هو الخزف، وهو لا يجتمع مع العلم بطهارة الخزف وجواز شربه، فالحكم الظاهري بإطلاقه مناف للعلم الذي يترتب عليه العمل لحجيته ذاتا وأما ما هو المعروف من عدم التنافي بين الحكم الظاهري والواقعي، فهو مختص بما إذا لم يكن الحكم الواقعي بنحو يترتب عليه العمل، لعدم وصوله للمكلف، لا في مثل المقام مما فرض فيه وصول الحكم الواقعي وترتب العمل عليه بنحو يمتنع معه جعل الحكم الظاهري عقلا وإن فرض تحقق موضوعه.
وبعبارة أخرى: التنافي بين الحكم الواقعي الواصل والحكم الظاهري يوجب امتناع جعل الحكم الظاهري في المقام، لأنه يؤدي إلى احتمال اجتماع المتنافيين، وهو ممتنع كاليقين به.
ويشهد بما ذكرنا أنه لو فرض خطأ القطع التفصيلي بعدم التكليف في بعض الأطراف، وبقاء التكليف الذي كان معلوما بالاجمال فيه لزم من جريان الاستصحاب المذكور استحقاق العقاب بارتكابه، لمخالفة التكليف الواقعي والظاهري معا فيه، مع أنه لا مجال له قطعا، لمنافاته لحجية القطع التفصيلي وإن كان خطأ.
ولا فرق في ما ذكرنا بين جميع ما يطرأ على بعض الأطراف مما يمنع من بقاء العلم الاجمالي، سواء كان رافعا شرعيا للتكليف الفعلي - كالاضطرار والحرج - أو لموضوعه - كالتطهير في المثال السابق - أم عقليا - كالامتثال، والمعصية، والخروج عن الابتلاء، وتنجيس أحد الأطراف معينا، وغير ذلك - وذلك لامتناع جعل الحكم الظاهري معها، فيمتنع التعبد به بالإضافة إلى المعلوم