ويؤيد ذلك أمور..
الأول: أن أخذ أحد الضدين الوجوديين في مفهوم الآخر غير مألوف ولا معهود، بل المعهود أخذ عدم أحد المتقابلين في الآخر كالعمى والبصر والغنى والفقر.
الثاني: ما في كلام غير واحد من اللغويين، ففي الصحاح والقاموس:
(الميتة ما لم تلحقه الذكاة)، وفي لسان العرب: (والميتة ما لم تدرك ذكاته)، وفي مفردات الراغب: (والميتة من الحيوان ما زال روحه بغير تذكية)، وفي مجمع البيان: (حرمت عليكم المية: أي حرم عليكم أكل الميتة والانتفاع بها، وهو كل ما له نفس سائلة... فارقه روحه من غير تذكية. وقيل: الميتة كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير تذكية...) وقريب منه ما في تفسير الطبري. فان هذه الكلمات - كما ترى - متفقة على أخذ عدم التذكية في الميتة، إما بنفسها أو من حيث كونها موضوعا للأحكام الشرعية.
نعم، نسب بعض مشايخنا التصريح بالمعنى الذي ذكره إلى مجمع البحرين تارة، وإلى المصباح أخرى (1).
لكن لم أعثر في مجمع البحرين على تعرض لشرح مفهوم الميتة. كما. أن ما في المصباح لا ينهض به، لأنه قال: (والميتة من الحيوان ما مات حتف أنفه...
والمراد بالميتة في عرف الشرع ما مات حتف أنفه أو قتل على هيئة غير مشروعة)، وهو ظاهر في بيان مصاديقها، وأنها أعم من المعنى اللغوي الذي ذكره، لا في شرح مفهومها، لينافي ما ذكرنا.
الثالث: أن التفكيك بين الأحكام المذكورة بعيد جدا عن مساق أدلتها،