الحيوان كالأكل، واللبس، والبيع ونحوها كان عنوان الميتة من العناوين المنتزعة من الأحكام الشرعية، المتأخرة عنها رتبة، وامتنع أخذها في موضوعها، مع وضوح أخذها في أكثر الأحكام المذكورة، وهو كاشف عن كون عنوان الميتة من العناوين المتقررة في أذهان العرف المتشرعي مع قطع النظر عن الأحكام المذكورة ، ولا يناسب المعنى الذي ذكره.
فالظاهر أن المأخوذ في الميتة التي هي موضوع الاحكام هو عدم التذكية.
وحينئذ يقع الكلام في أن أخذه بنحو يقتضي كون الميتة من العناوين الوجودية المضادة للتذكية؟ بأن يكون الميتة ما مات بسبب لا يوجب التذكية، أو بنحو يقتضي كونها من العناوين العدمية؟ بأن تكون عبارة عما مات ولم يذك، فيكون التقابل بين الميتة والمذكى من تقابل العدم والملكة، كما صرح به سيدنا الأعظم قدس سره في مبحث لباس المصلي.
والذي ينبغي أن يقال: لا ريب في أن الميتة بحسب أصل اللغة ما اتصف بالموت المقابل للحياة، فيصدق على المذكى وغيره، كما أنه قد يستعمل في خصوص ما مات حتف أنفه، إلا أنه لا ريب عندهم في قصور أحكامها عن المذكى وشمولها لكل ما لم يذك.
وكأنه لما ارتكز عندهم من أن الأحكام المذكورة إنما ثبتت للميتة بلحاظ خبث الموت وقذره، وذلك يقتضي اختصاصها بصورة عدم التذكية الرافعة لقذر الموت، كما تقدم. وهذا مناسب لكون التذكية من سنخ الرافع للأحكام المذكورة أو المانع منها، فالأحكام المذكورة ثابتة لولاها.
وهو يقتضي أخذ عدم التذكية في مفهوم الميتة أو في أحكامها - كما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره وغيره - فموضوع الاحكام هو الميتة بمعنى ما لم يذك، على أن يكون التقابل بين الموت - الذي هو موضوع الاحكام - والتذكية تقابل العدم والملكة، لا الضدين.