المكلف وتحميله المسؤولية فلا موضوع لها مع فرض عدم المنجز، لان جعل الحكم ليس علة تامة لتحقق السبيل، بل هو مشروط بوجود المنجز له، فمع فرض عدم المنجز لا يتحقق السبيل على المكلف قطعا، فلا موضوع للاحتياط.
وليس معنى فعلية الاحكام الواقعية في ظرف عدم المنجز لها إلا فعلية ملاكاتها، ومن الظاهر أن مجرد الاهتمام بتحصيل الملاك والسعي له لا يكون انقيادا للمولى ولا يحسن بملاك حسن إطاعته ما لم يكن مضافا إلى المولى لتكليفه به.
قلت: عدم فعلية السبيل لفرض عدم المنجز لا ينافي تحقق موضوع الانقياد، بلحاظ احتمال جعل الحكم الذي هو المقتضي في جعل السبيل، وهو معنى فعلية الحكم، وبه يكون الملاك مضافا للمولى، وليس معنى فعليته مجرد كون ملاكه فعليا من دون أن يكون مضافا للمولى.
ولا مجال لدعوى اختصاص موضوع الانقياد بفعلية السبيل الموقوفة على المنجز، فإنها مدفوعة: بالمرتكزات العقلائية والمتشرعية على حسن الاحتياط لاحتمال التكليف غير المنجز، المؤيد بمثل نصوص قاعدة التسامح في أدلة السنن الظاهرة في الارشاد إلى حسن الاحتياط.
بل ذكرنا في مسألة الضد في تقريب إمكان التقرب بالملاك أن الملاك إذا بلغ مرتبة جعل الحكم كان صالحا للمقربية وإن ارتفع واقعا بسبب المزاحم، فصلوحه للمقربية والانقياد في المقام أولى بلحاظ احتمال وجوده وفعلية الحكم الواقعي على طبقه. فتأمل جيدا.
وبالجملة: لا إشكال ظاهرا في حسن الاحتياط عقلا في مورد البراءة، بل في مطلق احتمال التكليف الواقعي وإن قامت الحجة على خلافه، ولذا جرت سيرة الفقهاء - خصوصا في العصور المتأخرة - على التنبيه للاحتياط، بل الحث عليه في موارد الفتوى بخلافه، وحيث عرفت ذلك ينبغي التعرض لأمور متعلقة بالمقام..