أما الطهارة فليس موضوعها غير المذكى بما هو أمر عدمي، بل الميتة، وليست هي خصوص ما مات حتف أنفه، ولا مطلق ما لم يذك - لتكون أمرا عدميا محرزا بالأصل، كما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره - بل هي في عرف المتشرعة مطلق ما استند موته إلى سبب غير شرعي. فهي أمر وجودي مضاد للمذكى، فلا تنهض بإثباته أصالة عدم التذكية، بل مقتضى الأصل عدمه.
ولعله نزل المقابلة في النصوص، المشار إليها - بين المذكي والميتة على مجرد التضاد من دون أخذ عدم التذكية في مفهوم الميتة.
كما أن الاجماع الذي تقدمت دعواه على أن غير المذكى بحكم الميتة لا يراد به إلا عدم اختصاص أحكام الميتة بما مات حتف أنفه، وهو لا ينافي كون موضوع الاحكام هو الميتة بالمعنى المتقدم، ولا مجال لاستفادة عنوان الحكم من الاجماع ونحوه من الأدلة اللبية غالبا.
وأما النصوص - المشار إليها أيضا - المتضمنة لا لحاق غير المذكى بالميتة فهي مختصة بحرمة الاكل واللبس في الصلاة ولم ترد في النجاسة.
هذا، ويشكل ما ذكره: بأنه لا مجال لاخذ الوجه الشرعي للموت في مفهوم الميتة، لأنه إن كان المراد بالوجه الشرعي ما يحل إحداث الموت به ويحرم بغيره تكليفا، فمن الواضح أنه يجوز إحداث الموت للحيوان بأكثر الطرق التي يجري معها حكم الميتة، كالجرح في غير المذبح.
وإن كان المراد بالوجه الشرعي هو الوجه المصحح لترتيب الغرض من ويشهد به النصوص المتضمنة عدم جواز الصلاة في ما لم يحرز تذكيته، مع أن الأصل إنما يحرز عدم تذكيته لا الموت بالمعنى الذي ذكره هنا.
لكن هذا موقوف على رفع اليد عن النصوص الكثيرة الظاهرة في مانعية الموت، وتنزيلها على أن مانعيته بالعرض لملازمته لعدم التذكية، وهو صعب جدا. وكفى بهذا موهنا لما ذكره من الفرق بين الامرين، ومقربا لما ذكره غيره من رجوع أحدهما للآخر، كما سيأتي الكلام فيه.
(منه. عفي عنه).