ونظير ذلك الواجب الكفائي، حيث إن الامر فيه متعلق بنفس الطبيعة، ويكون جميع المكلفين مأمورين بإتيانها، فمع إتيان واحد منهم يسقط عن الباقي، وأما لو أتى عدة منهم دفعة يكون كل ممتثلا، و تحققت امتثالات لا امتثال واحد من الجميع (1).
وفيه: أن مناط وحدة الامتثال وكثرته بوحدة الطلب وكثرته ولو بالانحلال بوجه، فلو تعلق أمر بإكرام كل فرد من العلماء، يكون إكرام كل فرد واجبا برأسه. وله امتثال برأسه.
وأما مع تعلق الامر بنفس الطبيعة متوجها إلى مكلف واحد، فلا يعقل أن يتكثر الامتثال بتكثر الافراد ولا بتكثر الطبيعة، فإن تكثرها لا يوجب تكثر الطلب والوجوب ولو انحلالا، فلا يوجب تكثر الامتثال، ولهذا لو ترك الطبيعة القابلة للكثرة لم يعاقب بعدد كثرة الافراد، فلو تعلق الطلب بإكرام العالم بحيث لو أكرم واحدا منهم سقط الطلب، فترك العبد الاكرام مطلقا، لم يكن له إلا عقاب واحد بالضرورة، و معه كيف يمكن أن يكون له امتثالات مع الاتيان بإكرام عدة منهم؟
فالامتثال فرع الطلب، كما أن العقوبة فرع ترك المطلوب، فلا يمكن الامتثالات مع وحدة الطلب، ولا استحقاق عقوبة واحدة مع كثرته.
ومما ذكرنا يظهر فارق قياسه بالواجب الكفائي، فإن الطلب هناك - على فرض كون الكفائي كما ذكر - توجه إلى كل مكلف بإتيان الطبيعة، فكل