هو المراد من جعله قالبا وفانيا ومرآة ووجها وعنوانا للمعنى إلى غير ذلك من التعبيرات، فلا دليل على امتناع كون شي واحد قالبا لشيئين أو فانيا فيهما، أي يكون اللفظ منظورا به والمعنيان منظورا فيهما، وإن كان المراد شيئا آخر فلا بد من بيانه ووجه امتناعه.
وأما فنأ اللفظ بحسب وجوده الواقعي في المعنى بحيث لا يبقى واقعا إلا شيئية المعنى فهو أمر غير معقول لان اللفظ له فعلية، وما كان كذلك لا يمكن أن يفنى في شي، وما قرع بعض الأسماء من الفناء في بعض الاصطلاحات (1) فهو أمر موكول إلى أهله، غير مربوط بمثل المقام.
الثالث: أن حقيقة الاستعمال إيجاد المعنى في الخارج باللفظ لان اللفظ وجود حقيقي لطبيعي اللفظ بالذات، ووجود تنزيلي للمعنى بالجعل والتنزيل، وحيث إن الموجود الخارجي بالذات واحد فلا مجال لان يقال: بأن وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجا ووجود آخر لمعنى آخر حيث لا وجود آخر ينسب إلى الاخر بالتنزيل (2).
وفيه: أن هذا أشبه بالخطابة من البرهان فإن معنى كون اللفظ وجودا للمعنى أنه لفظ موضوع له ولا يلزم من وضعه للمعنيين أو استعماله فيهما كونه موجودين وله وجودان.