بالذات في اللحاظ، فيلزم من اجتماع اللحاظين في الملحوظ بالذات كون الملحوظ بالعرض معلوما في حال واحد مرتين ومنكشفا في آن واحد انكشافين، وهو محال.
والجواب: هو منع الملازمة: أما على التقرير الأول: فلان المراد من تبعية لحاظ اللفظ للمعنى إن كان بمعنى أن المتكلم يتصور المعنى فينتقل منه إلى اللفظ، فلا نسلم أنه يجب أن ينتقل من تصور المعنيين انتقالين مستقلين إلى اللفظ، بل ينتقل منهما إليه انتقالا واحدا، كالانتقال من اللازمين لشئ واحد إليه، وكون الانتقال إلى الملزوم غير آلي لا يوجب الفرق. هذا حال المتكلم.
وأما السامع فيكون انتقاله من اللفظ إلى المعنى وإن كان اللفظ آليا منظورا به والمعنى مقصودا بالذات ومنظورا فيه، لكنه في هذا الانتقال يكون المعنى تبعا متأخرا، فالسامع يسمع اللفظ ويحضر هو في نفسه، ويدركه وينتقل منه إلى المعنى، ولا يعقل أن ينتقل إلى المعنى قبل اللفظ، كما أن الناظر إلى الكتاب يدرك المكتوب أولا، و منه يدرك المعنى وإن كان الأول آلة للثاني. فكما إذا سمعنا من متكلمين دفعة لفظا ننتقل منه إلى معناه بالضرورة، ولا يلزم منه الجمع بين اللحاظين المستقلين في المعنى، فكذلك في ناحية اللفظ.
وبالجملة: لا يلزم من تبعية الانتقال جمع اللحاظين والانتقالين في اللفظ، كما لا يلزم في المعنى في المثال.