وإن كان المراد من التبعية سراية اللحاظ من المعنى إلى اللفظ، حتى يكون في الاستعمال في المعنيين سرايتان، فهو ممنوع بل غير معقول، للزوم انقلاب اللحاظ الاستقلالي، آليا.
وإن كان المراد أن اللفظ ملحوظ ثانيا وبالعرض حتى يكون لحاظ واحد يستند إلى المعنى بالذات وإلى اللفظ بالعرض، فهو - مع كونه خلاف الواقع وخلاف المفروض - لا يلزم منه اجتماع اللحاظين لعدم اللحاظ في اللفظ حقيقة.
وأما على التقرير الثاني فلان غاية ما يكون لازما في الاستعمال أن لا يكون اللفظ غير ملحوظ مطلقا ولو آليا، وأما لزوم ملحوظيته في كل استعمال لحاظا على حدة فلم يدل عليه دليل، فجعل اللفظ آلة لافهام المعنيين هو استعماله فيهما، ولا بد من لحاظ اللفظ آليا في هذا الاستعمال، ولا يلزم منه اللحاظان ألا ترى أن قوى النفس كالباصرة والسامعة آلات لادراكاتها، وتدرك بها المبصرات، وقد تبصر الشيئين وتسمع الصوتين في عرض واحد، ولا يلزم منه أن يكون للالة حضوران لدى النفس؟ الثاني من وجوه الامتناع: أن الاستعمال هو جعل اللفظ بكليته قالبا للمعنى، ولا يمكن أن يكون مع ذلك قالبا لمعنى آخر للزوم كون شي واحد شيئين (1).
وفيه: أن الاستعمال ليس إلا جعل اللفظ آلة لإفادة المعنى، فإن كان هذا