والدنيا كما كان من شعيا وزكريا ويحيى، فإنهم قتلوهم وهم يعلمون ويعتقدون أنهم ظالمون " وتكرير الإشارة لقصد التأكيد وتعظيم الأمر عليهم وتهويله، ومجموع ما بعد الإشارة الأولى والإشارة الثانية هو السبب لضرب الذلة وما بعده. وقيل يجوز أن تكون الإشارة الثانية إلى الكفر والقتل فيكون ما بعدها سببا للسبب وهو بعيد جدا.
والاعتداء تجاوز الحد في كل شئ.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (وإذا استسقى موسى لقومه) قال ذلك في التيه، ضرب لهم موسى الحجر فصار فيها اثنتا عشرة عينا من ماء، لكل سبط منهم عين يشربون منها. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ومجاهد وابن أبي حاتم عن جويبر نحو ذلك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ولا تعثوا في الأرض) قال: لا تسعوا في الأرض فسادا. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك: قال يعني ولا تمشوا بالمعاصي. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال: لا تسيروا في الأرض مفسدين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله (لن نصبر على طعام واحد) قال:
المن والسلوى استبدلوا به البقل وما حكى معه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وقومها) قال: الخبز، وفي لفظ: البر، وفي لفظ: الحنطة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال:
الفوم الثوم. وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس مثله. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن مسعود أنه قرأ " وثومها " وروى ابن أبي الدنيا عن ابن عباس أنه قال: قراءتي قراءة زيد، وأنا آخذ ببضعة عشر حرفا من قراءة ابن مسعود هذا أحدها " من بقلها وقثائها وثومها ". وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله (الذي هو أدنى) قال: أردأ. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله (اهبطوا مصرا) قال مصرا من الأمصار. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية: أنه مصر فرعون. وأخرج نحوه ابن أبي داود وابن الأنباري عن الأعمش. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وضربت عليهم الذلة) قال: هم أصحاب الجزية. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة والحسن قال: ضربت عليهم الذلة والمسكنة: أي يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: المسكنة الفاقة. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله (وباءوا بغضب من الله) قال: استحقوا الغضب من الله. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله (وباءوا) قال: انقلبوا. وأخرج أبو داود الطيالسي وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار.
قيل: إن المراد بالذين آمنوا المنافقون، بدلالة جعلهم مقترنين باليهود والنصارى والصابئين: أي آمنوا في الظاهر.
والأولى أن يقال إن المراد الذين صدقوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاروا من جملة أتباعه، وكأنه سبحانه أراد أن يبين أن حال هذه الملة الإسلامية وحال من قبلها من سائر الملل يرجع إلى شئ واحد، وهو أن من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا استحق ما ذكره الله من الأجر، ومن فاته ذلك فاته الخير كله والأجر دقه وجله. والمراد بالإيمان ها هنا هو ما بينه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله لما سأله جبريل عن الإيمان