من خلق ما أحب استوى على العرش. وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله (ثم استوى إلى السماء) يعني صعد أمره إلى السماء فسواهن: يعني خلق سبع سماوات، قال: أجرى النار على الماء فبخر البحر فصعد في الهواء فجعل السماوات منه. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث أبي هريرة في الصحيح قال " أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيدي فقال: خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة بعد العصر ". وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طرق عند أهل السنن وغيرهم عن جماعة من الصحابة أحاديث في وصف السماوات، وأن غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماء إلى سماء خمسمائة عام، وأنها سبع سماوات، وأن الأرض سبع أرضين وكذلك ثبت في وصف السماء آثار عن جماعة من الصحابة. وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور بعض ذلك في تفسير هذه الآية، وإنما تركنا ذكره ها هنا لكونه غير متعلق بهذه الآية على الخصوص، بل هو متعلق بما هو أعم منها.
" إذ " من الظروف الموضوعة للتوقيت وهي للمستقبل، وإذا للماضي، وقد توضع إحداهما موضع الأخرى.
وقال المبرد: هي مع المستقبل للمضي ومع الماضي للاستقبال. وقال أبو عبيدة: إنها هنا زائدة. وحكاه الزجاج وابن النحاس وقالا: هي ظرف زمان ليست مما يزاد، وهي هنا في موضع نصب بتقدير أذكر أو بقالوا، وقيل هو متعلق بخلق لكم، وليس بظاهر والملائكة جمع ملك بوزن فعل، قاله ابن كيسان، وقيل، جمع ملأك بوزن مفعل قاله أبو عبيدة، من لأك: إذا أرسل، والألوكة: الرسالة. قال لبيد:
وغلام أرسلته أمه * بألوك فبذلنا ما سأل وقال عدي بن زيد: أبلغ النعمان عني مألكا * أنه وقال قد حبسي وانتظار ويقال ألكني: أي أرسلني. وقال النضر بن شميل: لا اشتقاق لملك عند العرب، والهاء في الملائكة تأكيد لتأنيث الجمع، ومثله الصلادمة، والصلادم: الخيل الشداد واحدها صلدم - وقيل: هي المبالغة كعلامة ونسابة و (جاعل) هنا من جعل المتعدي إلى مفعولين. وذكر المطرزي أنه بمعنى خالق، وذلك يقتضي أنه متعد إلى مفعول واحد، والأرض هنا: هي هذه الغبراء، ولا يختص ذلك بمكان دون مكان - وقيل إنها مكة. والخليفة هنا معناه الخالف لمن كان قبله من الملائكة، ويجوز أن يكون معنى المخلوف: أي يخلفه غيره، قيل هو آدم، وقيل كل من له خلافة في الأرض، ويقوي الأول قول خليفة دون خلائف، واستغني بآدم عن ذكر من بعده قيل: خاطب الله الملائكة بهذا الخطاب لا للمشورة ولكن لاستخراج ما عندهم، وقيل خاطبهم بذلك لأجل أن يصدر منهم ذلك السؤال فيجابون بذلك الجواب، وقيل لأجل تعليم عباده مشروعية المشاورة لهم. وأما قولهم (أتجعل فيها من يفسد فيها) فظاهره أنهم استنكروا استخلاف بني آدم في الأرض لكونهم مظنة للإفساد في الأرض، وإنما قالوا هذه المقالة قبل أن يتقدم لهم معرفة ببني آدم، بل قبل وجود آدم فضلا عن ذريته، لعلم قد علموه من