قال: كان إبليس قبل أن يرتكب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل، وكان من سكان الأرض، وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما، فذلك دعاه إلى الكبر، وكان من حي يسمون جنا. وأخرج ابن المنذر والبيهقي في الشعب عنه قال: كان إبليس من خزان الجنة، وكان يدبر أمر سماء الدنيا. وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن الله أمر آدم بالسجود فسجد، فقال: لك الجنة ولمن سجد من ولدك، وأمر إبليس بالسجود فأبي أن يسجد، فقال: لك النار ولمن أبي من ولدك أن يسجد ". وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (وكان من الكافرين) قال: جعله الله كافرا لا يستطيع أن يؤمن. وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره إلى ما ابتدئ إليه خلقه من الكفر. قال الله (وكان من الكافرين).
(أسكن) أي اتخذ الجنة مسكنا وهو محل السكون، وأما ما قاله بعض المفسرين من أن في قوله " أسكن " تنبيها على الخروج لأن السكنى لا تكون ملكا وأخذ ذلك من قول جماعة من العلماء أن من أسكن رجلا منزلا له فإنه لا يملكه بذلك، وإن له أن يخرجه منه، فهو معنى عرفي، والواجب الأخذ بالمعنى العربي إذا لم تثبت في اللفظ حقيقة شرعية. و (أنت) تأكيد للضمير المستكن في الفعل ليصح العطف عليه كما تقرر في علم النحو أنه لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المستكن إلا بعد تأكيده بمنفصل. وقد يجئ العطف نادرا بغير تأكيد كقول الشاعر:
قلت إذا أقبلت وزهر تهادى * كنعاج الملا تعسفن رملا وقوله (وزوجك) أي حواء وهذه هي اللغة الفصيحة زوج بغير هاء، وقد جاء بها قليلا كما في صحيح مسلم من حديث أنس " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مع إحدى نسائه، فمر به رجل فدعاه وقال: يا فلان هذه زوجتي فلانة " الحديث، ومنه قول الشاعر:
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي * كساع إلى أسد الشرى يستميلها و (رغدا) بفتح المعجمة، وقرأ النخعي وابن وثاب بسكونها، والرغد: العيش الهنئ الذي لا عناء فيه، وهو منصوب على الصفة لمصدر محذوف. و (حيث) مبنية على الضم وفيها لغات كثيرة مذكورة في كتب العربية.
والقرب: الدنو. قال في الصحاح: قرب الشئ بالضم يقرب قربا: أي دنا، وقربته بالكسر أقربه قربانا:
أي دنوت منه، وقربت أقرب قرابة مثل كتبت أكتب كتابة: إذا سرت إلى الماء وبينك وبينة ليلة، والاسم القرب