فخالفوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقالوا لهم: أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب فأخبرونا عنا وعن محمد، قالوا: ما أنتم وما محمد؟ قالوا: ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء، ونفك العناة ونسقي الحجيج ونصل الأرحام، قالوا: فما محمد؟ قالوا: صنبور: أي فرد ضعيف، قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج بنو غفار، فقالوا: لا بل أنتم خير منه وأهدى سبيلا، فأنزل الله (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) الآية. وأخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة مرسلا. وقد روى عن ابن عباس وعن عكرمة بلفظ آخر. وأخرج نحوه عبد بن حميد وابن جرير عن السدي عن أبي مالك. وأخرج نحوه أيضا البيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة قال: الجبت والطاغوت صنمان. وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمر في تفسير الجبت والطاغوت ما قدمناه عنه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجبت حيي بن أخطب، والطاغوت: كعب بن الأشرف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجبت: الأصنام، والطاغوت: الذي يكون بين يدي الأصنام يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجبت: اسم الشيطان بالحبشية، والطاغوت: كهان العرب، وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (أم لهم نصيب من الملك) قال: فليس لهم نصيب، ولو كان لهم نصيب لم يؤتوا الناس نقيرا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال النقير: النقطة التي في ظهر النواة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال: قال أهل الكتاب: زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس له همة إلا النكاح، فأي ملك أفضل من هذا؟ فأنزل الله هذه الآية (أم يحسدون الناس) إلى قوله (ملكا عظيما) يعني ملك سليمان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الناس في هذا الموضع النبي خاصة. وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: هم هذا الحي من العرب.
قوله: (بآياتنا) الظاهر عدم تخصيص بعض الآيات دون بعض، و (سوف) كلمة تذكر للتهديد قاله سيبويه.
وينوب عنها السين. وقد تقدم معنى نصلي في أول السورة. والمراد: سوف ندخلهم نارا عظيمة. وقرأ حميد بن قيس (نصليهم) بفتح النون. قوله (كلما نضجت جلودهم) يقال: نضج الشئ نضجا ونضاجا، ونضج اللحم وفلان نضج الرأي: أي محكمه. والمعنى: أنها كلما اخترقت جلودهم بدلهم الله جلودا غيرها: أي أعطاهم مكان كل جلد محترق جلدا آخر غير محترق، فإن ذلك أبلغ في العذاب للشخص، لأن إحساسه لعمل النار في الجلد الذي لم يحترق أبلغ من إحساسه لعملها في الجلد المحترق، وقيل المراد بالجلود: السرابيل التي ذكرها في قوله - سرابيلهم من قطران - ولا موجب لترك المعنى الحقيقي ها هنا، وإن جاز إطلاق الجلود على السرابيل مجازا كما في قول الشاعر: