أو على سفر فعدة من أيام أخر) قد تقدم تفسيره. وقوله (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) فيه أن هذا مقصد من مقاصد الرب سبحانه، ومراد من مراداته في جميع أمور الدين، ومثله قوله تعالى - وما جعل عليكم في الدين من حرج - وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يرشد إلى التيسير وينهى عن التعسير كقوله صلى الله عليه وآله وسلم " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " وهو في الصحيح. واليسر السهل الذي لا عسر فيه. وقوله (ولتكملوا العدة) الظاهر أنه معطوف على قوله (يريد الله بكم اليسر) أي يريد بكم اليسر، ويريد إكمالكم للعدة وتكبيركم، وقيل إنه متعلق بمحذوف تقديره: رخص لكم هذه الرخصة لتكملوا العدة، وشرع لكم الصوم لمن شهد الشهر لتكملوا العدة. وقد ذهب إلى الأول البصريون قالوا: والتقدير يريد لأن تكملوا العدة، ومثله قول كثير بن صخر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلا بكل سبيل وذهب الكوفيون إلى الثاني، وقيل الواو مقحمة، وقيل إن هذه اللام لام الأمر، والواو لعطف الجملة التي بعدها على الجملة التي قبلها. وقال في الكشاف: إن قوله (لتكلموا العدة) علة للأمر بمراعاة العدة (ولتكبروا) علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر (ولعلكم تشكرون) علة الترخيص والتيسير، والمراد بالتكبير هنا: هو قول القائل الله أكبر. قال الجمهور ومعناه الحض على التكبير في آخر رمضان. وقد وقع الخلاف في وقته، فروى عن بعض السلف أنهم كانوا يكبرون ليلة الفطر وقيل إذا رأو هلال شوال كبروا إلى انقضاء الخطبة وقيل إلى خروج الإمام، وقيل هو التكبير يوم الفطر. قال مالك: هو من حين يخرج من داره إلى أن يخرج الإمام، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يكبر في الأضحى ولا يكبر في الفطر. وقوله (ولعلكم تشكرون) وقد تقدم تفسيره.
وقد أخرج أبو حاتم وأبو الشيخ وابن عدي والبيهقي في سننه عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا " لا تقولوا رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى، ولكن قولوا شهر رمضان ". وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " وثبت عنه أنه قال " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " وثبت عنه أنه قال " شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة " وقال " إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة " وهذا كله في الصحيح. وثبت عنه في أحاديث كثيرة غير هذه أنه كان يقول رمضان بدون ذكر الشهر. وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما سمي رمضان لأن رمضان يرمض الذنوب " وأخرجا أيضا عن عائشة مرفوعا نحوه. وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر نحوه. وقد ورد في فضل رمضان أحاديث كثيرة وأخرج أحمد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من رمضان، وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان ". وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن جابر مثله، لكنه قال " وأنزل الزبور الاثني عشر " وزاد " وأنزل التوراة لست خلون من رمضان، وأنزل الإنجيل لثماني عشرة خلت من رمضان " وأخرج محمد بن نصر عن عائشة نحو قول جابر، إلا أنها لم تذكر نزول القرآن. وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن مقسم قال: سأل عطية بن الأسود ابن عباس فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قوله الله (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن). وقوله - إنا أنزلناه