وقد أخرج أحمد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن معاذ ابن جبل قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال، فذكر أحوال الصلاة ثم قال: وأما أحوال الصيام، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة، فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء، ثم إن الله سبحانه فرض عليه الصيام وأنزل عليه (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) إلى قوله (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) فكان من شاء صام، ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه، ثم إن الله أنزل الآية الأخرى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) فأثبت الله صيامه على الصحيح المقيم، ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام، ثم ذكر تمام الحديث. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (كما كتب على الذين من قبلكم) قال: يعني بذلك أهل الكتاب. وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني عن دغفل بن حنظلة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " كان على النصارى صوم شهر رمضان، فمرض ملكهم فقالوا: لئن شفاه الله لنزيدن عشرا، ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فوه فقال: لئن شفاه الله ليزيدن سبعة، ثم كان عليهم ملك آخر فقال: ما ندع من هذه الثلاثة الأيام شيئا أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع، ففعل فصارت خمسين يوما ". وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله (لعلكم تتقون) قال: تتقون من الطعام والشراب والنساء مثل ما اتقوا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحو ما سبق عن معاذ. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم ". وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة قالت: كان عاشوراء صياما، فلما أنزل رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر. وأخرج عبد بن حميد أن ابن عباس قال: إن قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه) قد نسخت.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه نحو ذلك، وزاد أن الناسخ لها قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر) الآية.
وأخرج نحو ذلك عنه أبو داود في ناسخه. وأخرج نحوه عنه أيضا سعد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وغيرهم. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) كان من شاء صام، ومن شاء أن يفطر ويفتدي فعل، حتى نزلت هذه الآية بعدها فنسختها (فمن شهد منك الشهر). وأخرج البخاري عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد، فذكر نحوه. وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله (وعلى الذين يطيقونه) قال: الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم فيفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والدارقطني والبيهقي، أن أنس بن مالك ضعف عن الصوم عاما قبل موته، فصنع جفنة من ثريد ودعا ثلاثين مسكينا فأطعمهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والدارقطني وصححه عن ابن عباس أنه قال لأم ولد له حامل أو مرضعة: أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصيام، عليك الطعام لا قضاء عليك. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والدارقطني عن ابن عمر أن إحدى بناته أرسلت تسأله عن صوم رمضان وهي حامل، قال: تفطر وتطعم كل يوم مسكينا، وقد روى نحو هذا عن جماعة من التابعين. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله (فمن تطوع خيرا) قال: أطعم مسكينين. وأخرج عبد بن حميد عن طاوس في قوله (فمن تطوع خيرا) قال: إطعام مساكين. وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب في قوله (أن تصوموا خير لكم) أي أن الصوم خير لكم من الفدية. وقد ورد في فضل الصوم أحاديث كثيرة جدا.