الهادية إلى الحق وقد أخرج البخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم عن البراء بن عازب قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما، فكان يومه ذلك يعمل في أرضه، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، فغلبته عينه فنام وجاءت امرأته، فلما رأته نائما قالت: خيبة لك أنمت؟ فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنزلت هذه الآية (أحل لكم ليلة الصيام) إلى قوله (من الفجر) ففرحوا بها فرحا شديدا. وأخرج البخاري أيضا من حديثه قال: لما نزل صوم شهر رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، فكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) الآية. وقد روى في بيان سبب نزول هذه الآية أحاديث عن جماعة من الصحابة نحو ما قاله البراء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه حتى إذا أمسى طعم من الطعام، ثم قال: وإن عمر بن الخطاب أتى امرأته، ثم أتى رسول الله فقال: يا رسول إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي، وذكر ما وقع منه، فنزل قوله تعالى (أحل لكم ليلة الصيام) الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه قال: إن المسلمين كانوا في شهر رمضان، إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام والشراب إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا النساء والطعام في رمضان بعد العشاء، منهم عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنزل الله (أحل لكم ليلة الصيام) الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال: الرفث الجماع. وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر مثله. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال:
الدخول والتغشي والإفضاء والمباشرة والرفث واللمس والمس هذا الجماع، غير أن الله حيي كريم يكني بما شاء عما شاء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) قال: هن سكن لكم وأنتم سكن لهن. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (تحتاجون أنفسكم) قال:
تظلمون أنفسكم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (فالآن باشروهن) قال: انكحوهن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله (وابتغوا ما كتب الله لكم) قال: الولد. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وقتادة والضحاك مثله. وأخرج ابن جري وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى (وابتغوا ما كتب الله لكم) قال: ليلة القدر. وأخرج البخاري في تاريخه عن أنس مثله. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قال: (وابتغوا) الرخصة التي كتب الله لكم. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سهل بن سعد. قال: أنزلت (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) ولم ينزل (من الفجر) فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود. فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله (من الفجر) فعلموا أنه يعني الليل والنهار. وفي الصحيحين وغيرهما عن عدي بن حاتم، أنه جعل تحت وساده خيطين أبيض وأسود، وجعل ينظر إليهما فلا يتبين له الأبيض من الأسود، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فقال: إن وسادك إذا لعريض، إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل. وفي رواية في البخاري وغيره. إنه قال له: إنك لعريض القفا. وفي رواية عند ابن جرير وابن أبي حاتم: أنه ضحك منه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك قال: كانوا يجامعون وهم معتكفون حتى نزلت (ولا تباشروهن