أي بالذي ينفعهم، أو مصدرية: أي بنفعهم، والمراد بما أنزل من السماء المطر الذي به حياة العالم وإخراج النبات والأرزاق. والبث: النشر، والظاهر أن قوله (بث) معطوف على قوله (فأحيا) لأنهما أمران متسببان عن إنزال المطر. وقال في الكشاف: إن الظاهر عطفه على أنزل. والمراد بتصريف الرياح: إرسالها عقيما، وملقحة وصرا ونصرا، وهلاكا وحارة وباردة، ولينة وعاصفة، وقيل تصريفها: إرسالها جنوبا وشمالا ودبورا، وصبا ونكبا وهي التي تأتي بين مهبي ريحين، وقيل تصريفها: أن تأتي السفن الكبار بقدر ما تحملها والصغار كذلك، ولا مانع من حمل التصريف على جميع ما ذكر. والسحاب سمى سحابا لانسحابه في الهواء، وسحبت ذيلي سحبا وتسحب فلان على فلان: اجترأ. والمسخر: المذلل، وسخره: بعثه من مكان إلى آخر، وقيل تسخيره: ثبوته بين السماء والأرض من غير عمد ولا علائق. والأول أظهر. والآيات الدلالات على وحدانيته سبحانه لمن ينظر ببصره ويتفكر بعقله.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:
ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا نتقوى به على عدونا، فأوحى الله إليه: إني معطيهم فأجعل لهم الصفا ذهبا، ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، فقال: رب دعني وقومي فأدعوهم يوما بيوم، فأنزل الله هذه الآية. وأخرج نحوه عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير. وأخرج وكيع والفريابي وآدم ابن أبي إياس وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الضحى قال: لما نزلت (وإلهكم إله واحد) عجب المشركون وقالوا: إن محمدا يقول (وإلهكم إله واحد) فليأتنا بآية إن كان من الصادقين، فأنزل الله (إن في خلق السماوات والأرض) الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء نحوه. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سلمان قال:
الليل موكل به ملك يقال له شراهيل، فإذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب، فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في أسرع من طرفة عين، وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة، فإذا غربت جاء الليل، فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجئ ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع، فإذا رآها شراهيل مد إليه خرزته، وترى الشمس الخرزة البيضاء، فتطلع، وقد أمرت أن لا تطلع حتى تراها، فإذا طلعت جاء النهار. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله (والفلك) قال: السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال (بث) خلق، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (وتصريف الرياح) قال:
إذا شاء جعلها رحمة لواقح للسحاب، وبشرا بين يدي رحمته، وإذا شاء جعلها عذابا ريحا عقيما لا تلقح. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال: كل شئ في القرآن من الرياح فهي رحمة، وكل شئ في القرآن من الريح فهي عذاب. وقد ورد في النهي عن سب الريح وأوصافها أحاديث كثيرة لا تعلق لها بالآية.