قوله (يا أيها الذين آمنوا) هذا خطاب لخلص المؤمنين، وأمر لهم بجهاد الكفار والخروج في سبيل الله، والحذر والحذر لغتان كالمثل والمثل. قال الفراء: أكثر الكلام الحذر، والحذر مسموع أيضا، يقال خذ حذرك أي احذر، وقيل معنى الآية الأمر لهم بأخذ السلاح حذرا، لأن به الحذر. قوله (فانفروا) نفر ينفر بكسر الفاء نفيرا، ونفرت الدابة تنفر بضم الفاء نفورا. والمعنى: انهضوا لقتال العدو. أو النفير اسم للقوم الذين ينفرون، وأصله من النفار والنفور، وهو الفزع، ومنه قوله تعالى - ولوا على أدبارهم نفورا - أي نافرين. قوله (ثبات) جمع ثبة: أي جماعة، والمعنى: انفروا جماعات متفرقات. قوله (أو انفروا جميعا) أي مجتمعين جيشا واحدا.
ومعنى الآية: الأمر لهم بأن ينفروا على أحد الوصفين ليكون ذلك أشد على عدوهم وليأمنوا من أن يتخطفهم الأعداء إذا نفر كل واحد منهم وحده أو نحو ذلك، وقيل إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى (انفروا خفافا وثقالا) وبقوله - إن لا تنفروا يعذبكم - والصحيح أن الآيتين جميعا محكمتان: إحداهما في الوقت الذي يحتاج فيه إلى نفور الجميع، والأخرى عند الاكتفاء بنفور البعض دون البعض. قوله (وإن منكم لمن ليبطئن) التبطئة والإبطاء التأخر، والمراد: المنافقون كانوا يقعدون عن الخروج ويقعدون غيرهم. والمعنى: أن من دخلائكم وجنسكم ومن أظهر إيمانه لكم نفاقا من يبطئ المؤمنين ويثبطهم، واللام في قوله (لمن) لام توكيد، وفي قوله (ليبطن) لام جواب القسم، و " من " في موضع نصب وصلتها الجملة. وقرأ مجاهد والنخعي والكلبي (ليبطن) بالتخفيف (فإن أصابتكم مصيبة) من قتل أو هزيمة أو ذهاب مال. قال هذا المنافق قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم حتى يصيبني ما أصابهم (ولئن أصابكم فضل من) غنيمة أو فتح (ليقولن) هذا المنافق قول نادم حاسد (يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما). قوله (كأن لم يكن بينكم وبينه مودة) جملة معترضة بين الفعل الذي هو ليقولون وبين مفعوله، وهو (يا ليتني) وقيل إن في الكلام تقديما وتأخيرا - وقيل المعنى: ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة:
أي كأن لم يعاقدكم على الجهاد، وقيل هو موضع نصب على الحال. وقرأ الحسن (ليقولن) بضم اللام على معنى من. وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم (كأن لم تكن) بالتاء على الفظ المودة. قوله (فأفوز) بالنصب على