قوله (زين للناس) الخ: كلام مستأنف لبيان حقارة ما تستلذه الأنفس في هذه الدار، والمزين قيل هو الله سبحانه، وبه قال عمر كما حكاه عنه البخاري وغيره، ويؤيد قوله تعالى - إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم -.
وقيل المزين هو الشيطان، وبه قال الحسن، حكاه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عنه. وقرأ الضحاك " زين " على البناء للفاعل. وقرأه الجمهور على البناء للمفعول. والمراد بالناس: الجنس. والشهوات جمع شهوة، وهي نزوع النفس إلى ما تريده. والمراد هنا المشتهيات عبر عنها بالشهوات مبالغة في كونها مرغوبا فيها أو تحقيرا لها لكونها مسترذلة عند العقلاء من صفات الطبائع البهيمية، ووجه تزيين الله سبحانه لها ابتلاء عباده كما صرح به في الآية الأخرى. وقوله (من النساء والبنين) في محل الحال: أي زين للناس حب الشهوات حال كونها من النساء والبنين الخ. وبدأ بالنساء لكثرة تشوق النفوس إليهن لأنهن حبائل الشيطان، وخص البنين دون البنات لعدم الاطراد في محبتهن. والقناطير جمع قنطار وهو اسم للكثير من المال. قال الزجاج: القنطار مأخوذ من عقد الشئ وإحكامه: تقول العرب قنطرت الشئ: إذا أحكمته، ومنه سميت القنطرة لإحكامها. وقد اختلف في تقديره على أقوال للسلف ستأتي إن شاء الله. واختلفوا في معنى المقنطرة، فقال ابن جرير الطبري: معناها المضعفة، وقال القناطير: ثلاثة، والمقنطرة تسعة. وقال الفراء: القناطير جمع القنطار، والمقنطرة جمع الجمع، فتكون تسع قناطير وقيل المقنطرة المضروبة، وقيل المكملة كما يقال بدرة مبدرة، وألوف مؤلفة، وبه قال مكي وحكاه الهروي. وقال ابن كيسان: لا تكون المقنطرة أقل من سبع قناطير. وقوله (من الذهب والفضة) بيان للقناطير، أو حال (والخيل لسومة) قبل هي المرعية في المروج والمسارح، يقال سامت الدابة والشاة: إذا سرحت، وقيل هي المعدة للجهاد وقيل هي الحسان، وقيل المعلمة من السومة، وهي العلامة: أي التي يجعل عليها علامة لتتميز عن غيرها. وقال ابن فارس في المجمل المسومة: المرسلة وعليها ركبانها. وقال ابن كيسان: البلق. والأنعام هي الإبل والبقر والغنم، فإذا قلت نعم فهي الإبل خاصة قاله الفراء وابن كيسان، ومنه قول حسان:
وكانت لا يزال بها أنيس * خلال مروجها نعم وشاء والحرث: اسم لكل ما يحرث، وهو مصدر سمى به المحروث، يقول حرث الرجل حرثا: إذا أثار الأرض فيقع على الأرض والزرع. قال ابن الأعرابي الحرث: التفتيش. قوله (ذلك متاع الحياة الدنيا) أي ذلك المذكور ما يتمتع به ثم يذهب ولا يبقي، وفيه تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة. والمآب: المرجع آب يئوب إيابا: إذا رجع، ومنه قول امرئ القيس:
لقد طوفت في الآفاق حتى * رضيت من الغنيمة بالإياب قوله (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم) أي هل أخبركم بما هو خير لكم من تلك المستلذات وإبهام الخير للتفخيم، ثم