عليه وآله وسلم " لا نذر في معصية الله " وقوله " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه " وقوله " النذر ما ابتغى به وجه الله " وثبت عنه في كفارة النذر ما هو معروف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (إن تبدوا الصدقات فنعما هي) الآية، قال: فجعل السر في التطوع يفضل علانيتها سبعين ضعفا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا. وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (إن تبدوا الصدقات) الآية، قال: كان هذا يعمل قبل أن تنزل براءة، فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (إن تبدوا الصدقات) الآية، قال: هذا منسوخ. وقوله - وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم - قال: منسوخ، نسخ كل صدقة في القرآن الآية التي في سورة التوبة - إنما الصدقات للفقراء - وقد ورد في فضل صدقة السر أحاديث صحيحة مرفوعة.
قوله (ليس عليك هداهم) أي ليس بواجب عليك أن تجعلهم مهديين قابلين لما أمروا به ونهوا عنه (ولكن الله يهدي من يشاء) هداية توصله إلى المطلوب، وهذه الجملة معترضة وفيها الالتفات، وسيأتي بيان السبب الذي نزلت لأجله، والمراد بقوله (من خير) كل ما يصدق عليه اسم الخير كائنا ما كان، وهو متعلق بمحذوف: أي أي شئ تنفقون كائنا من خير، ثم بين أن النفقة المعتد بها المقبولة إنما هي ما كان ابتغاء وجه الله سبحانه: أي لابتغاء وجه الله. وقوله (يوف إليكم) أي أجره وثوابه على الوجه الذي تقدم ذكره من التضعيف. قوله (للفقراء) متعلق بقوله (وما تنفقوا من خير) أو بمحذوف: أي اجعلوا ذلك للفقراء أو خبر مبتدأ محذوف: أي إنفاقكم للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله بالغزو أو الجهاد، وقيل منعوا عن التكسب لما هم فيه من الضعف (الذين لا يستطيعون ضربا في الأرض) للتكسب بالتجارة والزراعة، ونحو ذلك بسبب ضعفهم، قيل هم فقراء الصفة، وقيل كل من يتصف بالفقر وما ذكر معه. ثم ذكر سبحانه من أحوال أولئك الفقراء ما يوجب الحنو عليهم والشفقة بهم، وهو كونهم متعففين عن المسئلة وإطهار المسكنة بحيث يظنهم الجاهل بهم أغنياء. والتعفف تفعل وهو بناء مبالغة من عف عن الشئ: إذا أمسك عنه وتنزه عن طلبه، وفي " يحسبهم " لغتان: فتح السين، وكسرها.
قال أبو علي الفارسي: والفتح أقيس، لأن العين من الماضي مكسورة، فبابها أن تأتي في المضارع مفتوحة.
فالقراءة بالكسر على هذا حسنة وإن كانت شاذة. و " من " في قوله " من التعفف " لابتداء الغاية، وقيل لبيان