الجنس. قوله (تعرفهم بسيماهم) أي برثاثة ثيابهم وضعف أبدانهم وكل ما يشعر بالفقر والحاجة. والخطاب إما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل من يصلح للمخاطبة، والسيما مقصورة: العلامة، وقد تمد. والإلحاف:
الإلحاح في المسئلة، وهو مشتق من اللحاف، سمى بذلك لاشتماله على وجوه الطلب في المسئلة كاشتمال اللحاف على التغطية. ومعنى قوله (لا يسألون الناس إلحافا) أنهم لا يسألونهم ألبتة، لا سؤال إلحاح، ولا سؤال غير إلحاح.
وبه قال الطبري والزجاج، وإليه ذهب جمهور المفسرين، ووجهه أن التعفف صفة ثابتة لهم لا تفارقهم، ومجرد السؤال ينافيها، وقيل المراد أنهم إذا سألوا سألوا بتلطف ولا يلحفون في سؤالهم، وهذا وإن كان هو الظاهر من توجه النفي إلى القيد دون المقيد، لكن صفة التعفف تنافيه، وأيضا كون الجاهل بهم يحسبهم أغنياء لا يكون إلا مع عدم السؤال ألبتة. وقوله (بالليل والنهار) يفيد زيادة رغبتهم في الإنفاق وشدة حرصهم عليه حتى أنهم لا يتركون ذلك ليلا ولا نهارا، ويفعلونه سرا وجهرا عند أن تنزل بهم حجة المحتاجين، ويظهر لديهم فاقة المفتاقين في جميع الأزمنة على جميع الأحوال. ودخول الفاء في خبر الموصول أعني قوله (فلهم أجرهم) لدلالة على سببية ما قبلها لما بعدها، وقيل هي للعطف والخبر للموصول محذوف: أي ومنهم الذين ينفقون.
وقد أخرج عبد بن حميد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه والضياء في المختارة عن ابن عباس، قال: كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فنزلت هذه الآية (ليس عليك هداهم) إلى قوله (وأنتم لا تظلمون) فرخص لهم. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء عنه قال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرنا أن لا نتصدق إلا على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية، فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد ابن جبير نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الحنيفة نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان أناس من الأنصار لهم نسب وقرابة من قريظة والنضير، وكان يتقون أن لا يتصدقوا عليهم ويريدونهم أن يسلموا، فنزلت (ليس عليك هداهم) الآية. وأخرج ابن المنذر عن عمرو الهلالي قال: سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنتصدق على فقراء أهل الكتاب؟ فأنزل الله (ليس عليك هداهم) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني قال في قوله (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله) قال: إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله. وأخرج ابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله) قال: هم أصحاب الصفة. وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي نحوه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال هم مهاجرو قريش بالمدينة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمروا بالصدقة عليهم.
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله (الذين أحصروا في سبيل الله) قال: حصروا أنفسهم في سبيل الله للغزو فلا يستطيعون تجارة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: هم قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله فصاروا زمني، فجعل لهم في أموال المسلمين حقا. وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن حيوة في قوله (لا يستطيعون ضربا في الأرض) قال: لا يستطيعون تجارة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله (يحسبهم الجاهل أغنياء) قال: دل الله المؤمنين عليهم وجعل نفقاتهم لهم، وأمرهم أن يضعوا نفقاتهم فيهم ورضى عنهم. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (تعرفهم بنسيماهم) قال: التخشع. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع أن معناه تعرف في وجوههم الجهد من الحاجة. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد) تعرفهم بسيماهم) قال: رثاثة