السلام والرحمة من خير العلماء إذا كانوا على السنة المستقيمة كعلي وابن عباس وابني علي الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وعلي بن الحسين زين العابدين وعلي بن عبد الله بن عباس وأبي جعفر الباقر وهو محمد بن علي بن الحسين وجعفر ابنه وأمثالهم وأضرابهم وأشكالهم ممن هو متمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم وعرف لكل ذي حق حقه ونزل كل المنزل الذي أعطاه الله ورسوله واجتمعت عليه قلوب عباده المؤمنين والغرض أن هذه الآية الكريمة أخبرت بأن الرسل الماضين قبل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانوا بشرا كما هو بشر كما قال تعالى " قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا " وقال تعالى " وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق " وقال تعالى " وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين " وقال " قل ما كنت بدعا من الرسل " وقال تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي " ثم أرشد الله تعالى من شك في كون الرسل كانوا بشرا إلى سؤال أصحاب الكتب المتقدمة عن الأنبياء الذين سلفوا هل كان أنبياؤهم بشرا أو ملائكة ثم ذكر تعالى أنه أرسلهم " بالبينات " أي بالحجج والدلائل " والزبر " وهي الكتب قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيرهم والزبر جمع زبور تقول العرب زبرت الكتاب إذا كتبته. وقال تعالى " وكل شئ فعلوه في الزبر " وقال " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " ثم قال تعالى " وأنزلنا إليك الذكر " يعني القرآن " لتبين للناس ما نزل إليهم " أي من ربهم لعلمك بمعنى ما أنزل الله عليك وحرصك عليه واتباعك له ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم فتفصل لهم ما أجمل وتبين لهم ما أشكل " ولعلهم يتفكرون " أي ينظرون لأنفسهم فيهتدون فيفوزون بالنجاة في الدارين.
أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون (45) أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين (46) أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم (47) يخبر تعالى عن حلمه وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها مع قدرته على أن يخسف بهم الأرض أو يأتيهم العذاب " من حيث لا يشعرون " أي من حيث لا يعلمون مجيئه إليهم كقوله تعالى " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير " وقوله " أو يأخذهم في تقلبهم " أي في تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها في أسفار ونحوها من الاشغال الملهية، قال قتادة والسدي تقلبهم أي أسفارهم وقال مجاهد والضحاك وقتادة " في تقلبهم " في الليل والنهار كقوله " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون " وقوله " فما هم بمعجزين " أي لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه وقوله " أو يأخذهم على تخوف " أي أو يأخذهم الله في حال خوفهم من أخذه لهم فإنه يكون أبلغ وأشد فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد ولهذا قال العوفي عن ابن عباس " أو يأخذهم على تخوف " يقول إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه وتخوفه بذلك وكذا روي عن مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم ثم قال تعالى " فإن ربكم لرءوف رحيم " أي حيث لم يعاجلكم بالعقوبة كما ثبت في الصحيحين " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم " وفيهما " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " وقال تعالى " وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ".
أو لم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون (48) ولله يسجد