بالعصى حتى إذا ماتت أكلوها. وفي الصحيح أن عدي بن حاتم قال: قلت يا رسول الله إني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب قال " إذا رميت بالمعراض فخزق فكله وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ فلا تأكله " ففرق بين ما أصابه بالسهم أو بالمعراض ونحوه بحده فأحله وما أصاب بعرضه فجعله وقيذا لم يحله وهذا مجمع عليه عند الفقهاء واختلفوا فيما إذا صدم الجارحة الصيد فقتله بثقله ولم يجرحه على قولين هما قولان للشافعي رحمه الله " أحدهما " لا يحل كما في السهم والجامع أن كلا منهما ميت بغير جرح فهو وقيذ " والثاني " أنه يحل لأنه حكم بإباحة ما صاده الكلب ولم يستفصل فدل على إباحة ما ذكرناه لأنه قد دخل في العموم وقد قررت لهذه المسألة فصلا فليكتب ههنا.
" فصل " اختلف العلماء رحمهم الله تعالى فيما إذا أرسل كلبا على صيد فقتله بثقله ولم يجرحه أو صدمه هل يحل أم لا؟ على قولين: " أحدهما " أن ذلك حلال لعموم قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " وكذا عمومات حديث عدي بن حاتم وهذا قول حكاه الأصحاب عن الشافعي رحمه الله وصححه بعض المتأخرين منهم كالنووي والرافعي " قلت " وليس ذلك بظاهر من كلام الشافعي في الام والمختصر فإنه قال: في كلا الموضعين يحتمل معنيين ثم وجه كلا منهما فحمل ذلك الأصحاب منه فأطلقوا في المسألة قولين عنه اللهم إلا أنه في بحثه للقول بالحل رشحه قليلا ولم يصرح بواحد منهما ولا جزم به والقول بذلك أعني الحل نقله ابن الصباغ عن أبي حنيفة من رواية الحسن بن زياد عنه ولم يذكر غير ذلك. وأما أبو جعفر بن جرير فحكاه في تفسيره عن سلمان الفارسي وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وهذا غريب جدا وليس يوجد ذلك مصرحا به عنهم إلا أنه من تصرفه رحمه الله ورضي عنه. " والقول الثاني " أن ذلك لا يحل وهو أحد القولين عن الشافعي رحمه الله واختاره المزني ويظهر من كلام ابن الصباغ ترجيحه أيضا والله أعلم. ورواه أبو يوسف ومحمد عن أبي حنيفة وهو المشهور عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وهذا القول أشبه بالصواب والله أعلم لأنه أجرى على القواعد الأصولية وأمس الأصول الشرعية واحتج ابن الصباغ له بحديث رافع بن خديج قلت: يا رسول الله إنا لاقوا العدو غدا وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب قال: " ما أنهر الدم تذكر اسم الله عليه فكلوه " الحديث بتمامه وهو في الصحيحين. وهذا وإن كان واردا على سبب خاص فالعبرة بعموم اللفظ عند جمهور من العلماء في الأصول والفروع كما سئل - عليه السلام - عن التبع وهو نبيذ العسل فقال: " كل شراب أسكر فهو حرام " أفيقول فقيه إن هذا اللفظ مخصوص بشراب العسل وهكذا هذا كما سألوه عن شئ من الذكاة فقال لهم كلاما عاما يشمل ذاك المسؤول عنه وغيره لأنه - عليه السلام - كان قد أوتي جوامع الكلم إذا تقرر هذا فما صدمه الكلب أو غمه بثقله ليس مما أنهر دمه فلا يحل لمفهوم هذا الحديث فإن قيل هذا الحديث ليس من هذا القبيل بشئ لانهم إنما سألوه عن الأدلة التي يذكى بها ولم يسألوه عن الشئ الذي يذكى ولهذا استثنى من ذلك السن والظفر حيث قال: " ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة " والمستثنى يدل على جنس المستثنى منه وإلا لم يكن متصلا فدل على أن المسؤول عنه هو الآلة فلا يبقى فيه دلالة لما ذكرتم فالجواب عن هذا بأن في الكلام ما يشكل عليكم أيضا حيث يقول: " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه " ولم يقل فاذبحوا به فهذا يؤخذ منه الحكمان معا يؤخذ حكم الآلة التي يذكى بها وحكم المذكى وأنه لابد من انهار دمه بآلة ليست سنا ولا ظفرا هذا مسلك.
والمسلك الثاني: طريقة المزني وهي أن السهم جاء التصريح فيه بأنه إن قتل بعرضه فلا تأكل وإن خزق فكل والكلب جاء مطلقا فيحمل على ما قيد هناك من الخزق لأنهما اشتركا في الموجب وهو الصيد فيجب الحمل هنا وإن اختلف السبب كما وجب حمل مطلق الاعتاق في الظهار على تقييده بالايمان في القتل بل هذا أولى وهذا يتوجه له على من يسلم له أصل هذه القاعدة من حيث هي وليس فيها خلاف بين الأصحاب قاطبة فلابد لهم من