الرسل من قومهم أن يصدقوهم وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا فقال الضحاك بن مزاحم ما رأيت كاليوم قط رجل يدعى إلى علم فيتلكأ لو رحلت إلى اليمن في هذه كان قليلا ثم روى ابن جرير أيضا من وجه آخر أن مسلم بن يسار سأل سعيد بن جبير عن ذلك فأجابه بهذا الجواب فقام إلى سعيد فاعتنقه وقال فرج الله عنك كما فرجت عني وهكذا روى من غير وجه عن سعيد بن جبير أنه فسرها كذلك وكذا فسرها مجاهد بن جبر وغير واحد من السلف حتى أن مجاهدا قرأها " وظنوا أنهم قد كذبوا " بفتح الذال رواه ابن جرير إلا أن بعض من فسرها كذلك يعيد الضمير في قوله " وظنوا أنهم قد كذبوا " إلى أتباع الرسل من المؤمنين ومنهم من يعيده إلى الكافرين منهم أي وظن الكفار أن الرسل قد كذبوا مخففة فيما وعدوا به من النصر وأما ابن مسعود فقال ابن جرير حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثنا محمد بن فضيل عن محمش بن زياد الضبي عن تميم بن حزم قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذه الآية " حتى إذا استيأس الرسل " من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم وظن قومهم حين أبطأ الامر أنهم قد كذبوا بالتخفيف فهاتان الروايتان عن كل من ابن مسعود وابن عباس وقد أنكرت ذلك عائشة على من فسرها بذلك وانتصر لها ابن جرير ووجه المشهور عن الجمهور وزيف القول الآخر بالكلية ورده وأباه ولم يقبله ولا ارتضاه والله أعلم.
لقد كان في قصصهم عبرة لاولى الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (111) يقول تعالى لقد كان في خبر المرسلين مع قومهم وكيف نجينا المؤمنين وأهلكنا الكافرين " عبرة لاولي الألباب " وهي العقول " ما كان حديثا يفترى " أي وما كان لهذا القرآن أن يفترى من دون الله أي يكذب ويخلق " ولكن تصديق الذي بين يديه " أي من الكتب المنزلة من السماء هو يصدق ما فيها من الصحيح وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغير ويحكم عليها بالنسخ أو التقرير " وتفصيل كل شئ " من تحليل وتحريم ومحبوب ومكروه وغير ذلك من الامر بالطاعات والواجبات والمستحبات والنهي عن المحرمات وما شاكلها من المكروهات والاخبار عن الأمور الجلية وعن الغيوب المستقبلة المجملة والتفصيلية والاخبار عن الرب تبارك وتعالى بالأسماء والصفات وتنزهه عن مماثلة المخلوقات فلهذا كانت " هدى ورحمة لقوم يؤمنون " تهتدي به قلوبهم من الغي إلى الرشاد ومن الضلال إلى السداد ويبتغون بها الرحمة من رب العباد في هذه الحياة الدنيا ويوم المعاد فنسأل الله العظيم أن يجعلنا منهم في الدنيا والآخرة يوم يفوز بالربح المبيضة وجوههم الناضرة ويرجع المسودة وجوههم بالصفقة الخاسرة. آخر تفسير سورة يوسف عليه السلام ولله الحمد والمنة وبه المستعان.
سورة الرعد بسم الله الرحمن الرحيم المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون (1) أما الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السورة فقد تقدم في أول سورة البقرة وقدمنا أن كل سورة ابتدئت بهذه الحروف ففيها الانتصار للقرآن وتبيان أن نزوله من عند الحق لا شك فيه ولا مرية ولا ريب ولهذا قال " تلك آيات الكتاب " أي هذه آيات الكتاب وهو القرآن وقيل التوراة والإنجيل قاله مجاهد وقتادة وفيه نظر بل هو بعيد ثم