المراد بقوله " بخس " الحرام وقيل الظلم وهذا وإن كان كذلك لكن ليس هو المراد هنا لان هذا معلوم يعرفه كل أحد أن ثمنه حرام على كل حال وعلى كل أحد لأنه نبي ابن نبي ابن نبي ابن خليل الرحمن فهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم وإنما المراد هنا بالبخس الناقص أو الزيوف أو كلاهما أي إنهم إخوته وقد باعوه ومع هذا بأنقص الأثمان ولهذا قال " دراهم معدودة " فعن ابن مسعود رضي الله عنه باعوه بعشرين درهما وكذا قال ابن عباس ونوف البكالي والسدي وقتادة وعطية العوفي وزاد اقتسموها درهمين درهمين وقال مجاهد: اثنان وعشرون درهما وقال محمد بن إسحاق وعكرمة أربعون درهما وقال الضحاك في قوله " وكانوا فيه من الزاهدين " وذلك أنهم لم يعلموا نبوته ومنزلته عند الله عز وجل وقال مجاهد لما باعوه جعلوا يتبعونهم ويقولون لهم استوثقوا منه لا يأبق حتى وقفوه بمصر فقال: من يبتاعني وليبشر؟ فاشتراه الملك وكان مسلما.
وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون (21) ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين (22) يخبر تعالى بألطافه بيوسف عليه السلام أنه قيض له الذي اشتراه من مصر حتى اعتنى به وأكرمه وأوصى أهله به وتوسم فيه الخير والصلاح فقال لامرأته " أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا " وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها وهو الوزير، حدثنا العوفي عن ابن عباس وكان اسمه قطفير وقال محمد بن إسحاق: اسمه أطفير بن روحيب وهو العزيز وكان على خزائن مصر وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد رجل من العماليق قال: واسم امرأته راعيل بنت رعابيل وقال غيره اسمها زليخا وقال محمد بن إسحاق أيضا عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس: كان الذي باعه بمصر مالك بن ذعر بن قريب بن عنقا بن مديان بن إبراهيم فالله أعلم.
وقال أبو إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال: أفر أأسجد الناس ثلاثة: عزيز مصر حين قال لامرأته " أكرمي مثواه " والمرأة التي قالت لأبيها " يا أبت استأجره " الآية وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. يقول تعالى: كما أنقذنا يوسف من إخوته " كذلك مكنا ليوسف في الأرض " يعني بلاد مصر " ولنعلمه من تأويل الأحاديث " قال مجاهد والسدي: هو تعبير الرؤيا " والله غالب على أمره " إي إذا أراد شيئا فلا رد ولا يمانع ولا يخالف بل هو الغالب لما سواه. قال سعيد بن جبير في قوله " والله غالب على أمره " أي فعال لما يشاء وقوله " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " يقول لا يدرون حكمته في خلقه وتلطفه وفعله لما يريد، وقوله " ولما بلغ " أي يوسف عليه السلام " أشده " أي استكمل عقله وتم خلقه " آتيناه حكما وعلما " يعني النبوة أنه حباه بها بين أولئك الأقوام " وكذلك نجزي المحسنين " أي إنه كان محسنا في عمله عاملا بطاعة الله تعالى وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: ثلاث وثلاثون سنة وعن ابن عباس بضع وثلاثون وقال الضحاك عشرون وقال الحسن أربعون سنة وقال عكرمة خمس وعشرون سنة وقال السدي ثلاثون سنة وقال سعيد بن جبير ثمانية عشر سنة وقال الامام مالك وربيعة بن زيد بن أسلم والشعبي الأشد الحلم وقيل غير دلك والله أعلم.
وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون (23) يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه فراودته عن نفسه أي