والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا لاستقللتم كلكم ما افترض عليكم أو ترغبون في طاعة الله لتعجيل دنياكم ولا تنافسون في جنة " أكلها دائم " رواه ابن أبي حاتم.
والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أ عبد الله ولا أشرك به إليه أدعوا وإليه مآب (36) وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا واق (37) يقول تعالى " والذين آتيناهم الكتاب " وهم قائمون بمقتضاه " يفرحون بما أنزل إليك " أي من القرآن لما في كتبهم من الشواهد على صدقه والبشارة به كما قال تعالى " الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته " الآية وقال تعالى " قل آمنوا به أولا تؤمنوا - إلى قوله - إن كان وعد ربنا لمفعولا " أي إن كان ما وعدنا الله به في كتبنا من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم لحقا وصدقا مفعولا لا محالة وكائنا فسبحانه ما أصدق وعده فله الحمد وحده " ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا " وقوله " ومن الأحزاب من ينكر بعضه " أي ومن الطوائف من يكذب ببعض ما أنزل إليك وقال مجاهد " ومن الأحزاب " أي اليهود والنصارى " من ينكر بعضه " أي بعض ما جاءك من الحق وكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهذا كما قال تعالى " وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله " الآية " قل إنما أمرت أن أ عبد الله ولا أشرك به " أي إنما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له كما أرسل الأنبياء من قبلي " إليه أدعو " أي إلى سبيله أدعو الناس " وإليه مآب " أي مرجعي ومصيري. وقوله " وكذلك أنزلناه حكما عربيا " أي وكما أرسلنا قبلك المرسلين وأنزلنا عليهم الكتب من السماء كذلك أنزلنا عليك القرآن محكما معربا شرفناك به وفضلناك على من سواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجلي الذي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " وقوله " ولئن اتبعت أهواءهم " أي آراءهم " بعد ما جاءك من العلم " أي من الله سبحانه وتعالى " مالك من الله من ولي ولا واق " وهذا وعيد لأهل العلم أن يتبعوا سبل أهل الضلالة بعد ما صاروا إليه من سلوك السنة النبوية والمحجة المحمدية على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام.
ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب (38) يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (39) يقول تعالى وكما أرسلناك يا محمد رسولا بشريا كذلك قد بعثنا المرسلين قبلك بشرا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ويأتون الزوجات ويولد لهم وجعلنا لهم أزواجا وذرية وقد قال تعالى لاشرف الرسل وخاتمهم " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي " وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام وآكل اللحم وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد أنبأنا الحجاج بن أرطاة عن مكحول قال: قال أبو أيوب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أربع من سنن المرسلين: التعطر والنكاح والسواك والحناء " وقد رواه أبو عيسى الترمذي عن سفيان بن وكيع عن حفص بن غيلان عن الحجاج عن مكحول عن أبي السماك عن أبي أيوب فذكره ثم قال وهذا أصح من الحديث الذي لم يذكر فيه أبو السماك.
وقوله " وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله " أي لم يكن يأتي قومه بخارق إلا إذا أذن له فيه ليس ذلك إليه بل إلى الله عز وجل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد " لكل أجل كتاب " أي لكل مدة مضروبة كتاب مكتوب بها