وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمكانه فقتل يوم اليمامة ولم يوجد له أثر وقال قتادة " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب " قال فبينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها هيهات هيهات فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على ما قالوا فقال " علي بهؤلاء النفر " فدعاهم فقال " قلتم كذا وكذا " فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب وقال عكرمة في تفسير هذه الآية كان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها تقشعر الجلود وتجب منها القلوب اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك لا يقول أحد أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت قال فأصيب يوم اليمامة فما من أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره. وقوله " لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " أي بهذا المقال الذي استهزأتم به إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة أي لا يعفى عن جميعكم ولا بد من عذاب بعضكم " بأنهم كانوا مجرمين " أي مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة.
المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون (67) وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم (68) يقول تعالى منكرا على المنافقين الذين هم على خلاف صفات المؤمنين ولما كان المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كان هؤلاء " يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم " أي على الانفاق في سبيل الله " نسوا الله " أي نسوا ذكر الله " فنسيهم " أي عاملهم معاملة من نسيهم كقوله تعالى " فاليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا " " إن المنافقين هم الفاسقون " أي الخارجون من طريق الحق الداخلون في طريق الضلالة وقوله " وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم " أي على هذا الصنيع الذي ذكر عنهم " خالدين فيها " أي ماكثين فيها مخلدين هم الكفار " هي حسبهم " أي كفايتهم في العذاب " ولعنهم الله " أي طردهم وأبعدهم " ولهم عذاب مقيم ".
كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون (69) يقول تعالى أصاب هؤلاء من عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة كما أصاب من قبلهم وقوله " بخلاقهم " قال الحسن بدينهم وقوله " وخضتم كالذي خاضوا " أي في الكذب والباطل " أولئك حبطت أعمالهم " أي بطلت مساعيهم فلا ثواب لهم عليها لأنها فاسدة " في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون " لانهم لم يحصل لهم عليها ثواب. قال ابن جرير عن عمرو بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس في قوله " كالذين من قبلكم " الآية قال ابن عباس ما أشبه الليلة بالبارحة " كالذين من قبلكم " هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم لا أعلم إلا أنه قال والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه قال ابن جريج وأخبرني زياد بن سعد عن محمد بن زياد بن مهاجر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع وباعا بباع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " قالوا ومن هم يا رسول الله؟ أهل الكتاب قال " فمن؟ " وهكذا رواه أبو معشر عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وزاد قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم القرآن " كالذين من قبلكم " الآية، قال أبو