نعرفه فأحنه الغداة. فكان المستفتح وأخرجه النسائي في التفسير من حديث صالح بن كيسان عن الزهري به وكذا رواه الحاكم في مستدركه من طريق الزهري به وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وروى نحو هذا عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة ويزيد بن رومان وغير واحد وقال السدي كان المشركون حين خرجوا من مكة إلى بدر أخذوا بأستار الكعبة فاستنصروا الله وقالوا اللهم انصر أعلى الجندين وأكرم الفئتين وخير القبيلتين فقال الله " إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح " يقول قد نصرت ما قلتم وهو محمد صلى الله عليه وسلم وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هو قوله تعالى إخبارا عنهم " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك " الآية وقوله " وإن تنتهوا " أي عما أنتم فيه من الكفر بالله والتكذيب لرسوله " فهو خير لكم " أي في الدنيا والآخرة وقوله تعالى " وإن تعودوا نعد " كقوله " وإن عدتم عدنا " معناه وإن عدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والضلالة نعد لكم بمثل هذه الواقعة. وقال السدي " وإن تعودوا " أي إلى الاستفتاح " نعد " أي إلى الفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم والنصر له وتظفيره على أعدائه والأول أقوى " ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت " أي ولو جمعتم من الجموع ما عسى أن تجمعوا فإن من كان الله معه فلا غالب له " إن الله مع المؤمنين " وهم الحزب النبوي والجناب المصطفوي.
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون (20) ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون (21) * إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون (22) ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون (23) يأمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله ويزجرهم عن مخالفته والتشبه بالكافرين به المعاندين له ولهذا قال " ولا تولوا عنه " أي تتركوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره " وأنتم تسمعون " أي بعد ما علمتم ما دعاكم إليه " ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون " قيل المراد المشركون واختاره ابن جرير وقال ابن إسحاق هم المنافقون فإنهم يظهرون أنهم قد سمعوا واستجابوا وليسوا كذلك ثم أخبر تعالى أن هذا الضرب من بني آدم شر الخلق والخليقة فقال " إن شر الدواب عند الله الصم " أي عن سماع الحق " البكم " عن فهمه ولهذا قال " الذين لا يعقلون " فهؤلاء شر البرية لان كل دابة مما سواهم مطيعة لله فيما خلقها له وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا ولهذا شبههم بالانعام في قوله " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء " الآية وقال في الآية الأخرى " أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " وقيل المراد بهؤلاء المذكورين نفر من بني عبد الدار من قريش. روي عن ابن عباس ومجاهد واختاره ابن جرير. وقال محمد بن إسحاق هم المنافقون. قلت ولا منافاة بين المشركين والمنافقين في هذا لان كلا منهم مسلوب الفهم الصحيح والقصد إلى العمل الصالح ثم أخبر تعالى بأنهم لا فهم لهم صحيح ولا قصد لهم صحيح لو فرض أن لهم فهما فقال " ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم " أي لأفهمهم وتقدير الكلام " و " لكن لا خير فيهم فلم يفهمهم لأنه يعلم أنه " لو أسمعهم " أي أفهمهم " لتولوا " عن ذلك قصدا وعنادا بعد فهمهم ذلك " وهم معرضون " عنه.
يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24) قال البخاري " استجيبوا " أجيبوا " لما يحييكم " لما يصلحكم. حدثني إسحق حدثنا روح حدثنا شعبة عن