ظبيان عن عدي بن ثابت أن رجلا هتم فمه رجل على عهد معاوية - رضي الله عنه - فأعطى دية فأبى إلا أن يقتص فأعطى ديتين فأبى فأعطى ثلاثا فأبى فحدث رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من تصدق بدم فما دونه فهو كفارة له من يوم ولد إلى يوم يموت " وقال الإمام أحمد: حدثنا شريح ابن النعمان حدثنا هشيم عن المغيرة عن الشعبي أن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما من رجل يجرح من جسده جراحة فيتصدق بها إلا كفر الله عنه مثل ما تصدق به " ورواه النسائي عن علي بن حجر عن جرير بن عبد الحميد.
ورواه ابن جرير عن محمود بن خداش عن هشيم كلاهما عن مغيرة به وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن مجالد عن عامر عن المحرر بن أبي هريرة عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من أصيب بشئ من جسده فتركه لله كان كفارة له ".
وقوله " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " قد تقدم عن طاوس وعطاء أنهما قالا كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق.
وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين (46) وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (47) يقول تعالى " وقفينا " أي اتبعنا على آثارهم يعني أنبياء بني إسرائيل " بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة " أي مؤمنا بها حاكما بما فيها " وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور " أي هدى إلى الحق ونور يستضاء به في إزالة الشبهات وحل المشكلات " ومصدقا لما بين يديه من التوراة " أي متبعا لها غير مخالف لما فيها إلا في القليل مما بين لبني إسرائيل بعض ما كانوا يختلفون فيه كما قال تعالى إخبارا عن المسيح أنه قال: لبني إسرائيل " ولاحل لكم بعض الذي حرم عليكم " ولهذا كان المشهور من قول العلماء أن الإنجيل نسخ بعض أحكام التوراة وقوله تعالى " وهدى وموعظة للمتقين " أي وجعلنا الإنجيل هدى يهتدى به وموعظة أي زاجرا عن ارتكاب المحارم والمآثم للمتقين أي لمن اتقى الله وخاف وعيده وعقابه. وقوله تعالى " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه " قرئ وليحكم أهل الإنجيل بالنصب على أن اللام لام كي أي وآتيناه الإنجيل ليحكم أهل ملته به في زمانهم وقرئ وليحكم بالجزم على أن اللام لام الامر أي ليؤمنوا بجميع ما فيه وليقيموا ما أمروا به فيه ومما فيه البشارة ببعثة محمد والامر باتباعه وتصديقه إذا وجد كما قال تعالى " قل يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم " الآية.
وقال تعالى " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة " إلى قوله " المفلحون " ولهذا قال ههنا " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " أي الخارجون عن طاعة ربهم الماثلون إلى الباطل التاركون للحق وقد تقدم أن هذه الآية نزلت في النصارى وهو ظاهر من السياق.
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (48) وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا