قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون (32) يقول تعالى ردا على من حرم شيئا من المآكل أو المشارب أو الملابس من تلقاء نفسه من غير شرع من الله " قل " يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يحرمون ما يحرمون بآرائهم الفاسدة وابتداعهم " من حرم زينة الله التي أخرج لعباده " الآية أي هي مخلوقة لمن آمن بالله وعبده في الحياة الدنيا وإن شركهم فيها الكفار حبا في الدنيا فهي لهم خاصة يوم القيامة لا يشركهم فيها أحد من الكفار فإن الجنة محرمة على الكافرين قال أبو القاسم الطبراني حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين القاضي حدثنا يحيى الحماني حدثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون فأنزل الله " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده " فأمروا بالثياب.
قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (33) قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله " أخرجاه في الصحيحين من حديث سليمان بن مهران الأعمش عن شقيق عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود وتقدم الكلام على ما يتعلق بالفواحش ما ظهر منها وما بطن في سورة الأنعام وقوله " والاثم والبغي بغير الحق " قال السدي أما الاثم فالمعصية والبغي أن تبغي على الناس بغير الحق وقال مجاهد الاثم المعاصي كلها وأخبر أن الباغي بغيه على نفسه وحاصل ما فسر به الاثم أنه الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه والبغي هو التعدي إلى الناس فحرم الله هذا وهذا وقوله تعالى " وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا " أي تجعلوا له شركاء في عبادته " وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " من الافتراء والكذب من دعوى أن له ولدا ونحو ذلك مما لا علم لكم به كقوله " فاجتنبوا الرجس من الأوثان " الآية.
ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (34) يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (35) والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (36) يقول تعالى " ولكل أمة " أي قرن وجيل " أجل فإذا جاء أجلهم " أي ميقاتهم المقدر لهم " لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " ثم أنذر تعالى بني آدم أنه سيبعث إليهم رسلا يقصون عليهم آياته وبشر وحذر فقال " فمن اتقى وأصلح " أي ترك المحرمات وفعل الطاعات " فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها " أي كذبت بها قلوبهم واستكبروا عن العمل بها " أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " أي ماكثون فيها مكثا مخلدا.
فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم