الله تعالى " كذلك كذب الذين من قبلهم " أي بهذه الشبهة ضل من ضل قبل هؤلاء وهي حجة داحضة باطلة لأنها لو كانت صحيحة لما أذاقهم الله بأسه ودمر عليهم وأدال عليهم رسله الكرام وأذاق المشركين من أليم الانتقام " قل هل عندكم من علم " أي بأن الله راض عنكم فيما أنتم فيه " فتخرجوه لنا " أي فتظهروه لنا وتبينوه وتبرزوه " إن تتبعون إلا الظن " أي الوهم والخيال والمراد بالظن ههنا الاعتقاد الفاسد " وإن أنتم إلا تخرصون " تكذبون على الله فيما ادعيتموه قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " ولو شاء الله ما أشركنا " وقال " كذلك كذب الذين من قبلهم " ثم قال " ولو شاء الله ما أشركوا " فإنهم قالوا عبادتنا الآلهة تقربنا إلى الله زلفى فأخبرهم الله أنها لا تقربهم فقوله " ولو شاء الله ما أشركوا " يقول تعالى لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين وقوله تعالى " قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين " يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " قل " لهم يا محمد " فلله الحجة البالغة " أي له الحكمة التامة والحجة البالغة في هداية من هدى وإضلال من ضل " فلو شاء لهداكم أجمعين " فكل ذلك بقدرته ومشيئته واختياره وهو مع ذلك يرضي عن المؤمنين ويبغض الكافرين كما قال تعالى " ولو شاء الله لجمعهم على الهدى " وقال تعالى " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض " وقوله " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " قال الضحاك: لا حجة لاحد عصى الله ولكن لله الحجة البالغة على عباده وقوله تعالى " قل هلم شهداءكم " أي أحضروا شهداءكم " الذين يشهدون أن الله حرم هذا " أي هذا الذي حرمتموه وكذبتم وافتريتم على الله فيه " فإن شهدوا فلا تشهد معهم " أي لانهم إنما يشهدون والحالة هذه كذبا وزورا " ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون " أي يشركون به ويجعلون له عديلا.
* قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون (151) قال داود الأودي عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ هؤلاء الآيات " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا - إلى قوله - لعلكم تتقون " وقال الحاكم في مستدركه: حدثنا بكر بن محمد الصيرفي عن عروة حدثنا عبد الصمد بن الفضل حدثنا مالك بن إسماعيل المهدي حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة قال: سمعت ابن عباس يقول في الانعام آيات محكمات هن أم الكتاب ثم قرأ " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم " الآيات ثم قال الحاكم: صحيح الاسناد ولم يخرجاه. قلت ورواه زهير وقيس بن الربيع كلاهما عن أبي إسحاق عن عبد الله بن قيس عن ابن عباس به والله أعلم. وروى الحاكم أيضا في مسنده من حديث يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي إدريس عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيكم يبايعني على ثلاث " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم " حتى فرغ من الآيات " فمن وفى فأجره على الله ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته ومن أخر إلى الآخرة فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه " ثم قال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وإنما اتفقا على حديث الزهري عن أبي إدريس عن أبي عبادة " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا " الحديث وقد روى سفيان بن حسين كلا الحديثين فلا ينبغي أن ينسب إلى الوهم في أحد الحديثين إذا جمع بينهما والله أعلم. وأما تفسيرها فيقول تعالى لنبيه ورسوله