ورجليه ثم قام فشرب فضلته وهو قائم ثم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت وقال: " هذا وضوء من لم يحدث " رواه البخاري في الصحيح عن آدم ببعض معناه. ومن أوجب من الشيعة مسحهما كما يمسح الخف فقد ضل وأضل وكذا من جوز مسحهما وجوز غسلهما فقد أخطأ أيضا ومن نقل عن أبي جعفر بن جرير أنه أوجب غسلهما للأحاديث وأوجب مسحهما للآية فلم يحقق مذهبه في ذلك فإن كلامه في تفسيره إنما يدل على أنه أراد أنه يجب دلك الرجلين من دون سائر أعضاء الوضوء لأنهما يليان الأرض والطين وغير ذلك فأوجب دلكهما ليذهب ما عليهما ولكنه عبر عن الدلك بالمسح فاعتقد من لم يتأمل كلامه أنه أراد وجوب الجمع بين غسل الرجلين ومسحهما فحكاه من حكاه كذلك ولهذا يستشكله كثير من الفقهاء وهو معذور فإنه لا معنى للجمع بين المسح والغسل سواء تقدمه أو تأخر عليه لاندراجه فيه وإنما أراد الرجل ما ذكرته والله أعلم. ثم تأملت كلامه أيضا فإذا هو يحاول الجمع بين القراءتين في قوله " وأرجلكم " خفضا على المسح وهو الدلك ونصبا على الغسل فأوجبهما أخذا بالجمع بين هذه وهذه.
ذكر الأحاديث الواردة في غسل الرجلين وأنه لابد منه قد تقدم في حديث أمير المؤمنين عثمان وعلي وابن عباس ومعاوية وعبد الله بن زيد بن عاصم والمقداد بن معديكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل الرجلين في وضوئه إما مرة وإما مرتين أو ثلاثا على اختلاف رواياتهم وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل قدميه ثم قال: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ".
وفي الصحيحين من رواية أبي عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال: تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة صلاة العصر ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته " أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار " وكذلك هو في الصحيحين عن أبي هريرة وفي صحيح مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار " وروى الليث بن سعد عن حياة بن شريح عن عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحرث بن حرز أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ويل للأعقاب وبطون الاقدام من النار " رواه البيهقي والحاكم وهذا إسناد صحيح وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق أنه سمع سعيد بن أبي كرب أو شعيب بن أبي كرب قال: سمعت جابر بن عبد الله وهو على جبل يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ويل للعراقيب من النار " وحدثنا أسود بن عامر أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كرب عن جابر بن عبد الله قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رجل رجل مثل الدرهم لم يغسله فقال: " ويل للأعقاب من النار " ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن شيبة عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن سعيد به نحوه وكذا رواه ابن جرير من حديث سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وغير واحد عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن أبي كرب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ثم قال: حدثنا علي بن مسلم حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا حفص عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قوما يتوضؤن لم يصب أعقابهم الماء فقال: " ويل للعراقيب من النار " وقال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد حدثنا أيوب بن عقبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن معيقيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويل للأعقاب من النار " تفرد به أحمد.
وقال ابن جرير: حدثني علي بن عبد الاعلى حدثنا المحاربي عن مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويل للأعقاب من النار " قال فما بقي في المسجد شريف ولا وضيع إلا نظرت إليه يقلب عرقوبيه ينظر إليهما. وحدثنا أبو كريب: حدثنا حسين عن زائدة عن ليث حدثني عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة أو عن أخي أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر قوما يصلون وفي عقب أحدهم أو