بعضهم " وليقولوا درست " قال التميمي عن ابن عباس درست أي قرأت وتعلمت وكذا قال مجاهد والسدي والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد وقال عبد الرزاق عن معمر قال الحسن " وليقولوا درست " يقول تقادمت وانمحت وقال عبد الرزاق أيضا أنبأنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار سمعت ابن الزبير يقول إن صبيانا يقرأون ههنا دارست وإنما هي درست وقال شعبة حدثنا أبو إسحاق الهمداني قال هي في قراءة ابن مسعود درست يعني بغير ألف بنصب السين ووقف على التاء قال ابن جرير ومعناه انمحت وتقادمت أي أن هذا الذي تتلوه علينا قد مر بنا قديما وتطاولت مدته وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أنه قرأها درست أي قرئت وتعلمت وقال معمر عن قتادة درست قرئت وفي حرف ابن مسعود درس وقال أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا حجاج عن هارون قال هي في حرف أبي بن كعب وابن مسعود وليقولوا درس قال يعنون النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ وهذا غريب فقد روي عن أبي بن كعب خلاف هذا قال أبو بكر بن مردويه حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا الحسن بن ليث حدثنا أبو سلمة حدثنا أحمد بن أبي بزة المكي حدثنا وهب بن زمعة عن أبيه عن حميد الأعرج عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم " وليقولوا درست ". ورواه الحاكم في مستدركه من حديث وهب بن زمعة وقال يعني بجزم السين ونصب التاء ثم قال صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
اتبع ما أوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين (106) ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل (107) يقول تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم ولمن اتبع طريقته " اتبع ما أوحي إليك من ربك " أي اقتد به واقتف أثره واعمل به فإن ما أوحي إليك من ربك هو الحق الذي لا مرية فيه لأنه لا إله إلا هو " وأعرض عن المشركين " أي أعف عنهم واصفح واحتمل أذاهم حتى يفتح الله لك وينصرك ويظفرك عليهم واعلم أن لله حكمة في إضلالهم فإنه لو شاء لهدى الناس جميعا ولو شاء لجمعهم على الهدى " ولو شاء الله ما أشركوا " أي بل له المشيئة والحكمة فيما يشاؤه ويختاره لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وقوله تعالى " وما جعلناك عليهم حفيظا " أي حافظا تحفظ أقوالهم وأعمالهم " وما أنت عليهم بوكيل " أي موكل على أرزاقهم وأمورهم إن عليك إلا البلاغ كما قال تعالى " فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر " وقال " إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ".
ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون (108) يقول الله تعالى ناهيا لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين وهو " الله لا إله إلا هو " كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قالوا يا محمد لتنتهين عن سبك آلهتنا أو لنهجون ربك فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم " فيسبوا الله عدوا بغير علم " وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فيسب الكفار الله عدوا بغير علم فأنزل الله " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله " وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي أنه قال في تفسير هذه الآية: لما حضر أبا طالب الموت قالت قريش انطلقوا فلندخل على هذا الرجل فلنأمره أن ينهى عنا ابن أخيه فإنا نستحي أن نقتله بعد موته فتقول العرب كان يمنعهم فلما مات قتلوه فانطلق أبو سفيان وأبو جهل والنضر بن الحرث