قال نبي الله احذروا هذا وأشباهه فإن في أمتي أشباه هذا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم " وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه إنما أنا خازن " وهذا الذي ذكره قتادة يشبه ما رواه الشيخان من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد في قصة ذي الخويصرة واسمه حرقوص لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين فقال له اعدل فإنك لم تعدل فقال " لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد رآه مقفيا " إنه يخرج من ضئضئي هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء " وذكر بقية الحديث ثم قال تعالى منبها لهم على ما هو خير لهم من ذلك فقال " ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون " فتضمنت هذه الآية الكريمة أدبا عظيما وسرا شريفا حيث جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله والتوكل على الله وحده وهو قوله " وقالوا حسبنا الله " وكذلك الرغبة إلى الله وحده في التوفيق لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وامتثال أوامره وترك زواجره وتصديق أخباره والاقتفاء بآثاره.
* إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم (60) لما ذكر تعالى اعتراض المنافقين الجهلة على النبي صلى الله عليه وسلم ولمزهم إياه في قسم الصدقات بين تعالى أنه هو الذي قسمها وبين حكمها وتولى أمرها بنفسه ولم يكل قسمها إلى أحد غيره فجزأها لهؤلاء المذكورين كما رواه الإمام أبو داود في سننه من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وفيه ضعف عن زياد بن نعيم عن زياد بن الحارث الصدائي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته فأتى رجل فقال أعطني من الصدقة فقال له " إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أصناف فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك " وقد اختلف العلماء في هذه الأصناف الثمانية هل يجب استيعاب الدفع لها أو إلى ما أمكن منها؟
على قولين " أحدهما " أنه يجب ذلك وهو قول الشافعي وجماعة. " والثاني " أنه لا يجب استيعابها بل يجوز الدفع إلى واحد منها ويعطي جميع الصدقة مع وجود الباقين وهو قول مالك وجماعة من السلف والخلف منهم عمر وحذيفة وابن عباس وأبو العالية وسعيد بن جبير وميمون بن مهران قال ابن جرير وهو قول عامة أهل العلم وعلى هذا فإنما ذكرت الانصاف ههنا لبيان المصرف لا لوجوب استيعابها ولوجوه الحجاج والماخذ مكان غير هذا والله أعلم. وإنما قدم الفقراء ههنا على البقية لانهم أحوج من غيرهم على المشهور ولشدة فاقتهم وحاجتهم وعن أبي حنيفة أن المسكين أسوأ حالا من الفقير وهو كما قال أحمد وقال ابن جرير: حدثني يعقوب حدثنا ابن علية أنبأنا ابن عون عن محمد قال: قال عمر رضي الله عنه الفقير ليس بالذي لا مال له ولكن الفقير الأخلق الكسب قال ابن عليه الأخلق المحارف عندنا والجمهور على خلافه وروى عن ابن عباس ومجاهد والحسن البصري وابن زيد واختار ابن جرير وغير واحد أن الفقير هو المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا والمسكين هو الذي يسأل ويطوف ويتبع الناس وقال قتادة الفقير من به زمانة والمسكين الصحيح الجسم وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم هم فقراء المهاجرين قال سفيان الثوري يعني ولا يعطي الاعراب منها شيئا وكذا روي عن سعيد بن جبير وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزي وقال عكرمة لا تقولوا لفقراء المسلمين مساكين إنما المساكين أهل الكتاب ولنذكر أحاديث تتعلق بكل الأصناف الثمانية فأما الفقراء فعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى " رواه أحمد وأبو داود والترمذي ولأحمد أيضا والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة مثله وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين أخبراه أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم يسألانه من