قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين " والدليل على أن المراد بقوله تعالى " فيه شفاء للناس " هو العسل الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من رواية قتادة عن أبي المتوكل علي بن داود الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أخي استطلق بطنه فقال " اسقه عسلا " فذهب فسقاه عسلا ثم جاء فقال يا رسول الله سقيته عسلا فما زاده إلا استطلاقا قال " اذهب فاسقه عسلا " فذهب فسقاه عسلا ثم جاء فقال يا رسول الله ما زاده إلا استطلاقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق الله وكذب بطن أخيك اذهب فاسقه عسلا " فذهب فسقاه عسلا فبرئ. قال بعض العلماء بالطب كان هذا الرجل عنده فضلات فلما سقاه عسلا وهو حار تحللت فأسرعت في الاندفاع فزاده إسهالا فاعتقد الاعرابي أن هذا يضره وهو مصلحة لأخيه ثم سقاه فازداد التحليل والدفع ثم سقاه فكذلك فلما اندفعت الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن استمسك بطنه وصلح مزاجه واندفعت الأسقام والآلام ببركة إشارته عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام، وفي الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الحلواء والعسل هذا لفظ البخاري. وفي صحيح البخاري من حديث سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار وأنهى أمتي عن الكي ". وقال البخاري حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل عن عاصم بن عمر بن قتادة سمعت جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن كان في شئ من أدويتكم أو يكون في شئ من أدويتكم خير: ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار توافق الداء وما أحب أن أكتوي ". ورواه مسلم من حديث عاصم بن عمر بن قتادة عن جابر به. وقال الإمام أحمد حدثنا علي بن إسحاق أنبأنا عبد الله أنبأنا سعيد بن أبي أيوب حدثنا عبد الله بن الوليد عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاث إن كان في شئ شفاء: فشرطة محجم أو شربة عسل أو كية تصيب ألما وأنا أكره الكي ولا أحبه ".
ورواه الطبراني عن هارون بن سلول المصري عن أبي عبد الرحمن المقري عن عبد الله بن الوليد به. ولفظه " إن كان في شئ شفاء: فشرطة محجم ". وذكره وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه. وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في سننه حدثنا علي بن سلمة هو التغلبي حدثنا زيد بن حباب، حدثنا سفيان عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص بن عبد الله هو ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عليكم بالشفاءين العسل والقرآن " وهذا إسناد جيد تفرد بإخراجه ابن ماجة مرفوعا. وقد رواه ابن جرير عن سفيان بن وكيع عن أبيه عن سفيان هو الثوري به موقوفا وله شبه. وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إذا أراد أحدكم الشفاء فليكتب آية من كتاب الله في صحيفة وليغسلها بماء السماء وليأخذ من امرأته درهما عن طيب نفس منها فليشتر به عسلا فليشربه كذلك فإنه شفاء: أي من وجوه قال الله تعالى " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين " وقال " وأنزلنا من السماء ماء مباركا " وقال " فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " وقال في العسل " فيه شفاء للناس " وقال ابن ماجة أيضا: حدثنا محمود بن خداش حدثنا سعيد بن زكريا القرشي حدثنا الزبير بن سعيد الهاشمي عن عبد الحميد بن سالم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لعق العسل ثلاث غدوات في كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء " الزبير بن سعيد متروك وقال ابن ماجة أيضا حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف بن سرح الفريابي حدثنا عمرو بن بكير السكسكي حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة سمعت أبا أبي ابن أم حرام وكان قد صلى القبلتين يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " عليكم بالسنا والسنوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام ". قيل يا رسول الله وما السام؟ قال " الموت " قال عمرو قال ابن أبي عبلة السنوت الشبت وقال آخرون بل هو العسل الذي في زقاق السمن وهو قول الشاعر:
هم السمن بالسنوت لا لبس فيهم * وهم يمنعون الجار أن يقردا