فيلحقه دعاؤهم في قبره فذلك زيادة العمر ". وقوله " ويجعلون لله ما يكرهون " أي من البنات ومن الشركاء الذين هم عبيده وهم يأنفون أن يكون عند أحدهم شريك له في ماله وقوله " وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى " إنكار عليهم في دعواهم مع ذلك أن لهم الحسنى في الدنيا وإن كان ثم معاد ففيه أيضا لهم الحسنى وإخبار عن قيل من قال منهم كقوله " ولئن أذقنا الانسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور * ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور " وقوله " ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ " وقوله " أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا " وقال إخبارا عن أحد الرجلين إنه " دخل جنته وهو ظالم لنفسه فقال ما أظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا " فجمع هؤلاء بين عمل السوء وتمني الباطل بأن يجازوا على ذلك حسنا وهذا مستحيل كما ذكر ابن إسحاق أنه وجد حجر في أساس الكعبة حين نقضوها ليجددوها مكتوب عليه حكم ومواعظ، فمن ذلك: تعملون السيئات وتجزون الحسنات؟ أجل كما يجتنى من الشوك العنب. وقال مجاهد وقتادة " وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى " أي الغلمان وقال ابن جرير " أن لهم الحسنى " أي يوم القيامة كما قدمنا بيانه وهو الصواب ولله الحمد ولهذا قال تعالى رادا عليهم في تمنيهم ذلك " لا جرم " أي حقا لابد منه " أن لهم النار " أي يوم القيامة " وأنهم مفرطون " قال مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم منسيون فيها مضيعون وهذا كقوله تعالى " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا " وعن قتادة أيضا مفرطون أي معجلون إلى النار من الفرط وهو السابق إلى الورد ولا منافاة لانهم يعجل بهم يوم القيامة إلى النار وينسون فيها أي يخلدون.
تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم (63) وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (64) والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون (65) يذكر تعالى أنه أرسل إلى الأمم الخالية رسلا فكذبت الرسل فلك يا محمد في إخوانك من المرسلين أسوة فلا يهيدنك تكذيب قومك لك وأما المشركون الذين كذبوا الرسل فإنما حملهم على ذلك تزيين الشيطان لهم ما فعلوه " فهو وليهم اليوم " أي هم تحت العقوبة والنكال والشيطان وليهم ولا يملك لهم خلاصا ولا صريخ لهم ولهم عذاب أليم ثم قال تعالى لرسوله أنه إنما أنزل عليك الكتاب ليبين للناس الذي يختلفون فيه فالقرآن فاصل بين الناس في كل ما يتنازعون فيه " هدى " أي للقلوب " ورحمة " أي لمن تمسك به " لقوم يؤمنون " وكما جعل سبحانه القرآن حياة للقلوب الميتة بكفرها كذلك يحيى الأرض بعد موتها بما أنزله عليها من السماء من ماء " إن في ذلك لآية لقوم يسمعون " أي يفهمون الكلام ومعناه.
وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين (66) ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون (67) يقول تعالى " وإن لكم " أيها الناس " في الانعام " وهى الإبل والبقر والغنم " لعبرة " أي لآية ودلالة على حكمة خالقها وقدرته ورحمته ولطفه " نسقيكم مما في بطونه " أفرد ههنا عودا على معنى النعم أو الضمير عائد على الحيوان فإن الانعام حيوانات أي نسقيكم مما في بطن هذا الحيوان وفي الآية الأخرى مما في بطونها ويجوز هذا وهذا كما في قوله تعالى " كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره " وفي قوله تعالى " وإني مرسلة إليهم بهدية