" تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون " وقال الإمام أحمد رحمه الله حدثنا يحيى بن إسحاق أنبأنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن الفخر بالاحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة على الميت، والنائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ". انفرد بإخراجه مسلم. وفي حديث القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعه " النائحة إذا لم تتب توقف في طريق بين الجنة والنار وسرابيلها من قطران وتغشى وجهها النار ".
وقوله " ليجزي الله كل نفس ما كسبت " أي يوم القيامة " ليجزي الذين أساءوا بما عملوا " الآية " إن الله سريع الحساب " يحتمل أن يكون كقوله تعالى " اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون " ويحتمل أنه في حال محاسبته لعبده سريع النجاز لأنه يعلم كل شئ ولا يخفى عليه خافية وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم كقوله تعالى " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحده " وهذا معنى قول مجاهد " سريع الحساب " إحصاء ويحتمل أن يكون المعنيان مرادين والله أعلم.
هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب (52) يقول تعالى هذا القرآن بلاغ للناس كقوله " لأنذركم به ومن بلغ " أي هو بلاغ لجميع الخلق من إنس وجن كما قال في أول السورة " الر * كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور " الآية " ولينذروا به " أي ليتعظوا به " وليعلموا أنما هو إله واحد " أي يستدلوا بما فيه من الحجج والدلالات على أنه لا إله إلا هو " وليذكر أولوا الألباب " أي ذوي العقول. آخر تفسير سورة إبراهيم عليه السلام ولله الحمد والمنة.
سورة الحجر بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين (1) ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين (2) ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون (3) قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور، وقوله تعالى " ربما يود الذين كفروا " الآية إخبار عنهم أنهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر ويتمنون لو كانوا في الدنيا مع المسلمين ونقل السدي في تفسيره بسنده المشهور عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة أن كفار قريش لما عرضوا على النار تمنوا أن لو كانوا مسلمين وقيل إن المراد أن كل كافر يود عند احتضاره أن لو كان مؤمنا وقيل هذا إخبار عن يوم القيامة كقوله تعالى " ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " وقال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الزاهرية عن عبد الله في قوله " ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " قال هذا في الجهنميين إذا رأوهم يخرجون من النار وقال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا مسلم حدثنا القاسم حدثنا ابن أبي فروة العبدي أن ابن عباس وأنس بن مالك كانا يتأولان هذه الآية " ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " يتأولانها يوم يحبس الله أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين في النار قال فيقول لهم المشركون ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون في الدنيا؟ قال فيغضب الله لهم بفضل رحمته فيخرجهم فذلك حين يقول " ربما يود