أخبرنا مصعب بن ثابت حدثنا عاصم بن عبيد الله عن ابن أبي رباح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال " ألا أراكم تضحكون " ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقري فقال " إني لما خرجت جاء جبريل عليه السلام فقال يا محمد إن الله يقول لك لم تقنط عبادي " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم " " وقال شعبة عن قتادة في قوله " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم " قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ولو يعلم العبد قدر عذاب الله لبخع نفسه ".
ونبئهم عن ضيف إبراهيم (51) إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون (52) قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم (53) قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون (54) قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين (55) قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون (56) يقول تعالى وأخبرهم يا محمد عن قصة ضيف إبراهيم والضيف يطلق على الواحد والجمع كالزور والسفر، وكيف دخلوا عليه فقالوا سلاما " قال إنا منكم وجلون " أي خائفون وقد ذكر سبب خوفه منهم لما رأى أيديهم لا تصل إلى ما قربه إليهم من الضيافة وهو العجل السمين الحنيذ " قالوا لا توجل " أي لا تخف وبشروه " بغلام عليم " أي إسحاق " كما تقدم في سورة هود ثم " قال " متعجبا من كبره وكبر زوجته ومتحققا للوعد " أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون " فأجابوه مؤكدين لما بشروه به تحقيقا وبشارة بعد بشارة " قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين " وقرأ بعضهم القنطين فأجابهم بأنه ليس يقنط ولكن يرجو من الله الولد وإن كان قد كبر وأسنت امرأته فإنه يعلم من قدرة الله ورحمته ما هو أبلغ من ذلك.
قال فما خطبكم أيها المرسلون (57) قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين (58) إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين (59) إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين (60) يقول تعالى إخبارا عن إبراهيم عليه السلام لما ذهب عنه الروع وجاءته البشرى أنه شرع يسألهم عما جاءوا له فقالوا " إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين " يعنون قوم لوط وأخبروه أنهم سينجون آل لوط من بينهم إلا امرأته فإنها من الهالكين ولهذا قالوا " إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين " أي الباقين المهلكين.
فلما جاء آل لوط المرسلون (61) قال إنكم قوم منكرون (62) قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون (63) وأتيناك بالحق وإنا لصادقون (64) يخبر تعالى عن لوط لما جاءته الملائكة في صورة شباب حسان الوجوه فدخلوا عليه داره قال " إنكم قوم منكرون * قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون " يعنون بعذابهم وهلاكهم ودمارهم الذي كانوا يشكون في وقوعه بهم وحلوله بساحتهم " وأتيناك بالحق " كقوله تعالى " ما ننزل الملائكة إلا بالحق " وقوله " وإنا لصادقون " تأكيد لخبرهم إياه بما أخبروه به من نجاته وإهلاك قومه.
فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون (65) وقضينا إليه ذلك الامر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين (66) يذكر تعالى عن الملائكة أنهم أمروه أن يسري بأهله بعد مضي جانب من الليل وأن يكون لوط عليه السلام يمشي