عن ابن عباس: الرجس الشيطان وقال مجاهد: الرجس كل ما لا خير فيه وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:
الرجس العذاب.
وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون (126) * لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون (127) لما ذكر تعالى طريق الضالين عن سبيله الصادين عنها نبه على شرف ما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق فقال تعالى " وهذا صراط ربك مستقيما " منصوب على الحال أي هذا الدين الذي شرعناه لك يا محمد بما أوحينا إليك هذا القرآن هو صراط الله المستقيم كما تقدم في حديث الحارث عن علي في نعت القرآن: هو صراط الله المستقيم وحبل الله المتين وهو الذكر الحكيم رواه أحمد والترمذي بطوله " قد فصلنا الآيات " أي وضحناها وبيناها وفسرناها " لقوم يذكرون " أي لمن له فهم ووعي يعقل عن الله ورسوله " لهم دار السلام " وهى الجنة " عند ربهم " أي يوم القيامة وإنما وصف الله الجنة ههنا بدار السلام لسلامتهم فيما سلكوه من الصراط المستقيم المقتفي أثر الأنبياء وطرائقهم فكما سلموا من آفات الاعوجاج أفضوا إلى دار السلام " وهو وليهم " أي حافظهم وناصرهم ومؤيدهم " بما كانوا يعملون " أي جزاء على أعمالهم الصالحة تولاهم وأثابهم الجنة بمنه وكرمه.
ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس وقال أولياءهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم (128) يقول تعالى: واذكر يا محمد فيما تقصه عليهم وتنذرهم به " ويوم يحشرهم جميعا " يعني الجن وأولياءهم من الانس الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ويعوذون بهم ويطيعونهم ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس " أي يقول يا معشر الجن وسياق الكلام يدل على المحذوف ومعنى قوله " قد استكثرتم من الانس " أي من إغوائهم وإضلالهم كقوله تعالى " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن أعبد وني هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون " وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس " يعني أضللتم منهم كثيرا وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة " وقال أولياؤهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض " يعني أن أولياء الجن من الانس قالوا مجيبين لله تعالى عن ذلك بهذا قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة حدثنا عوف عن الحسن في هذه الآية قال: استكثرتم من أهل النار يوم القيامة فقال أولياؤهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض قال الحسن: وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت وعملت الانس. وقال محمد بن كعب في قوله " ربنا استمتع بعضنا ببعض " قال الصحابة في الدنيا. وقال ابن جريج: كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول أعوذ بكبير هذا الوادي فذلك استمتاعهما فاعتذروا به يوم القيامة وأما استمتاع الجن بالانس فإنه كان فيما ذكر ما ينال الجن من الانس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم فيقولون قد سدنا الإنس والجن " وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا " قال السدي يعني الموت " قال النار مثواكم " أي مأواكم ومنزلكم أنتم وإياهم وأولياؤكم " خالدين فيها " أي ماكثين فيها مكثا مخلدا إلا ما شاء الله قال بعضهم يرجع معنى الاستثناء إلى البرزخ وقال بعضهم: هذا رد إلى مدة الدنيا وقيل غير ذلك من الأقوال التي سيأتي تقريرها عند