الربيع بن أنس في قوله تعالى " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم متى ما نزل " وفي الصحيحين عن معاوية بن أبي سفيان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة " وفي رواية " حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " وفي رواية " وهم بالشام ".
والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حجيث لا يعلمون (182) وأملي لهم إن كيدي متين (183) يقول تعالى " والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " ومعناه أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شئ. كما قال تعالى " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " ولهذا قال تعالى " وأملي لهم " أي وسأملي لهم أي أطول لهم ما هم فيه " إن كيدي متين " أي قوي شديد.
أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين (184) يقول تعالى " أو لم يتفكروا " هؤلاء المكذبون بآياتنا " ما بصاحبهم " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم " من جنة " أي ليس به جنون بل هو رسول الله حقا دعا إلى حق " إن هو إلا نذير مبين " أي ظاهر لمن كان له لب وقلب يعقل به ويعي به كما قال تعالى " وما صاحبكم بمجنون " وقال تعالى " قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد " يقول إنما أطلب منكم أن تقوموا قياما خالصا لله ليس فيه تعصب ولا عناد مثنى وفرادى أي مجتمعين ومتفرقين ثم تتفكروا في هذا الذي جاءكم بالرسالة من الله أبه جنون أم لا فإنكم إذا فعلتم ذلك بان لكم وظهر أنه رسول الله حقا وصدقا وقال قتادة بن دعامة ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان على الصفا فدعا قريشا فجعل يفخذهم فخذا فخذا يا بني فلان يا بني فلان فحذرهم بأس الله ووقائع الله فقال قائلهم إن صاحبكم هذا لمجنون بات يصوت إلى الصباح أو حتى أصبح فأنزل الله تعالى " أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين ".
أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون (185) يقول تعالى: أو لم ينظر هؤلاء المكذبون بآياتنا في ملك الله وسلطانه في السماوات والأرض وفيما خلق من شئ فيهما فيتدبروا ذلك ويعتبروا به ويعلموا أن ذلك لمن لا نظير له ولا شبيه ومن فعل من لا ينبغي أن تكون العبادة والدين الخالص إلا له فيؤمنوا به ويصدقوا رسوله وينيبوا إلى طاعته ويخلعوا الأنداد والأوثان ويحذروا أن تكون آجالهم قد اقتربت فيهلكوا على كفرهم ويصيروا إلى عذاب الله وأليم عقابه وقوله " فبأي حديث بعده يؤمنون " يقول فبأي تخويف وتحذير وترهيب بعد تحذير محمد صلى الله عليه وسلم وترهيبه الذي أتاهم به من عند الله في آي كتابه يصدقون إن لم يصدقوا بهذا الحديث الذي جاءهم به محمد من عند الله عز وجل؟ وقد روى الإمام أحمد عن حسن بن موسى وعثمان بن مسلم وعبد الصمد بن عبد الوارث كلهم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي الصلت عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت ليلة أسري بي كذا فلما انتهينا إلى السماء السابعة