شفيع " أي لا قريب ولا أحد يشفع فيها كقوله " من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون " وقوله " وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها " أي ولو بذلت كل مبذول ما قبل منها كقوله " إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا " الآية. وكذا قال ههنا " أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ".
قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين (71) وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون (72) وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير (73) قال السدي قال المشركون للمسلمين اتبعوا سبيلنا واتركوا دين محمد فأنزل الله عز وجل " قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا " أي في الكفر " بعد إذ هدانا الله " فيكون مثلنا مثل الذي استهوته الشياطين في الأرض يقول مثلكم إن كفرتم بعد إيمانكم كمثل رجل خرج مع قوم على الطريق فضل الطريق فحيرته الشياطين واستهوته في الأرض وأصحابه على الطريق فجعلوا يدعونه إليهم يقولون ائتنا فإنا على الطريق فأبى أن يأتيهم فذلك مثل من يتبعهم بعد المعرفة بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومحمد هو الذي يدعو إلى الطريق والطريق هو الاسلام. رواه ابن جرير وقال قتادة " استهوته الشياطين في الأرض " أضلته في الأرض يعني استهوته سيرته كقوله " تهوي إليهم " وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا " الآية. هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها والدعاة الذين يدعون إلى هدى الله عز وجل كمثل رجل ضل عن طريق تائها إذ ناداه مناد يا فلان ابن فلان هلم إلى الطريق وله أصحاب يدعونه يا فلان هلم إلى الطريق فان اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى إلى الطريق وهذه الداعية التي تدعو في البرية من الغيلان يقول مثل من يعبد هذه الآلهة من دون الله فإنه يرى أنه في شئ حتى يأتيه الموت فيستقبل الندامة والهلكة وقوله " كالذي استهوته الشياطين في الأرض " هم الغيلان " يدعونه " باسمه واسم أبيه وجده فيتبعها وهو يرى أنه في شئ فيصبح وقد رمته في هلكة وربما أكلته أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشا فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل رواه ابن جرير وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد " كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران " قال رجل حيران يدعوه أصحابه إلى الطريق وذلك مثل من يضل بعد أن هدي. وقال العوفي عن ابن عباس قوله " كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب " هو الذي لا يستجيب لهدى الله وهو رجل أطاع الشيطان وعمل في الأرض بالمعصية وحاد عن الحق وضل عنه وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى يقول الله ذلك لأوليائهم من الانس " إن الهدى هدى الله " والضلال ما يدعو إليه الجن. رواه ابن جرير ثم قال وهذا يقتضي أن أصحابه يدعونه إلى الضلال ويزعمون أنه هدى قال: وهذا خلاف ظاهر الآية فإن الله أخبر أنهم يدعونه إلى الهدى فغير جائز أن يكون ضلالا وقد أخبر الله أنه هدى وهو كما قال ابن جرير فإن السياق يقتضي أن هذا الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران وهو منصوب على الحال أي في حال حيرته وضلاله وجهله وجه المحجة وله أصحاب على المحجة سائرون فجعلوا يدعونه