الوقوع كقوله " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " وكقوله " لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين " وكقوله " لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ". وقوله تعالى " أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة " أي أنعمنا عليهم بذلك رحمة للعباد بهم ولطفا منه بالخليقة " فإن يكفر بها " أي بالنبوة ويحتمل أن يكون الضمير عائدا على هذه الأشياء الثلاثة الكتاب والحكم والنبوة وقوله " هؤلاء " يعني أهل مكة قاله ابن عباس وسعيد بن المسيب والضحاك وقتادة والسدي وغير واحد " فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " أي إن يكفر بهذه النعم من كفر بها من قريش وغيرهم من سائر أهل الأرض من عرب وعجم ومليين وكتابيين فقد وكلنا بها قوما آخرين أي المهاجرين والأنصار وأتباعهم إلى يوم القيامة " ليسوا بها بكافرين " أي لا يجحدون منها شيئا ولا يردون منها حرفا واحدا بل يؤمنون بجميعها محكمها ومتشابهها جعلنا الله منهم بمنه وكرمه وإحسانه ثم قال تعالى مخاطبا عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم " أولئك " يعني الأنبياء المذكورين مع من أضيف إليهم من الآباء والذرية والاخوان وهم الأشباه " الذين هدى الله " أي هم أهل الهدى لا غيرهم " فبهداهم اقتده " أي اقتد واتبع وإذا كان هذا أمرا للرسول صلى الله عليه وسلم فأمته تبع له فيما يشرعه ويأمرهم به قال البخاري عند هذه الآية: حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني سليمان الأحول أن مجاهدا أخبره أنه سأل ابن عباس أفي " ص " سجدة فقال نعم ثم تلا " ووهبنا له إسحق ويعقوب " إلى قوله " فبهداهم اقتده " ثم قال هو منهم زاد يزيد بن هارون ومحمد بن عبيد وسهيل بن يوسف عن العوام عن مجاهد قلت لابن عباس فقال نبيكم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممن أمر أن يقتدي بهم وقوله تعالى " قل لا أسألكم عليه أجرا " أي لا أطلب منكم على إبلاغي إياكم هذا القرآن أجرا أي أجرة ولا أريد منكم شيئا " إن هو إلا ذكرى للعالمين " أي يتذكرون به فيرشدوا من العمى إلى الهدى ومن الغي إلى الرشاد ومن الكفر إلى الايمان.
وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون (91) وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون (92) يقول تعالى وما عظموا الله حق تعظيمه إذ كذبوا رسله إليهم: قال ابن عباس ومجاهد وعبد الله بن كثير نزلت في قريش واختاره ابن جرير وقيل نزلت في طائفة من اليهود. وقيل في فنحاص رجل منهم. وقيل في مالك بن الصيف " قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ " والأول أصح لان الآية مكية واليهود لا ينكرون إنزال الكتب من السماء وقريش والعرب قاطبة كانوا ينكرون إرسال محمد صلى الله عليه وسلم لأنه من البشر كما قال " أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس " وكقوله تعالى " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا " وقال ههنا " وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ " قال الله تعالى " قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس " أي قل يا محمد لهؤلاء المنكرين لانزال شئ من الكتب من عند الله في جواب سلبهم العام بإثبات قضية جزئية موجبة " من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى " وهو التوراة التي قد علمتم وكل أحد أن الله قد أنزلها على موسى بن عمران نورا وهدى للناس أي ليستضاء بها في كشف المشكلات ويهتدى بها من ظلم الشبهات وقوله " تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا " أي تجعلون جملتها قراطيس أي قطعا تكتبونها من الكتاب الأصلي الذي بأيديكم